وهى مني أعظم قلاع الكفار المحكمة الراسخة القرار ، الرافعة المنار ، وذلك لليلتين بقيتا من شهر المحرم سنة ٩٣٦ ه.
ولما كانت القلعة المذبورة بعيدة عن حدود ممالك الإسلام غير مأمونة من هجوم الكفار اللئام ، أمر الحضرة السلطانية بهدمها ، فهدمت ، وأخربت ، ونهبت أطراف تلك القلعة ، وسبيت أولاد النصارى ، ونساؤهم ، وتركت خرابا ، وعادت الحضرة السلطانية إلى تخت الملك بالنصر والتأييد ، والعز المشيد ، والفتح الجديد ، فوصل إلى أسطنبول فى أوائل شهر ربيع الآخر سنة ٩٣٤ ه.
الغزوة الخامسة : غزوة المان.
لما وصلت الأخبار إلى الأبواب السلطانية أن بمخة قزال جمع طائفة من كبار المان ، وأراد الإفساد ، والطغيان ، توجه السلطان سليمان الغازى فى سبيل الله إلى أن قتل هذا الكافر اللعين ، وحك اسمه من صحيفة الوجود ، بعون الملك المعين.
وبرز من دار الإسلام أسطنبول إلى الحليفة لوبكار ، لعشر ليال بقين من شهر رمضان المبارك عام ٩٣٨ ه ، وأرسل فى البحر لحفظ وجه البحر من النصارى ، وضبط الأسافل والسواحل ، أمير الأمراء الكرام أحمد باشا القبودان ، عشرين غرابا مشحونا بالأبطال ، لأهل الصفاح والكفاح ، تطير بأجنحة الرياح من غير جناح ، فى أوائل شهر شعبان المكرم من السنة المذكورة ، وافتتح عدة قلاع من بلاد الإفرنج الكفار ، وأرغبوا الكفار ، وأعجلوا بهم إلى عذاب النار ، فبرز المخيم الشريف السلطانى مع الجيش المنصورى الخاقانى إلى مملكة المان ، وحاربوا وسبوا من ذرارى الكفار ألادا كالنجوم الدرارى ، ومن البنات والنساء خوابد كالكنس الجوارى ، ونهبوا الأموال ، وقتلوا البطال ، وركبوا الرجال ، وهربوا ملوكهم ، وتركوا رعيتهم وصعلوكهم ، وبذلوا ما بقى من الأموال والذخائر على بذل الأموال لهم ، ثلاثة أعوام ، فأجيبوا من جانب السلطنة الشريفة إلى سؤالهم ، وكتب لهم بذاك توقيع الأمان لترقيع حالهم.