فتوجه السلطان (رحمهالله تعالى) إلى دفع أولئك الكفار الفجار سنة ٩٤٨ ه ، وصمم السلطان على قتال نمجه قزال ؛ لأنه أراد أخذ بودون ، ووسوست له نفسه بتخلية المفسدون.
فلما أحسن بوصول العسكر المنصور ، فر هاربا إلى الجبال ، وتقهقر عن القتال ، فبلغته الأبطال ، ففر منهم إلى أطراف تلك المحال ، فجالست العساكر المنصورة السليمانية فى تلك البلدان ، وقتلواب أهل البغى والعدوان ، وقتلوا جيوش الكفر والطغيان ، وسبوا الأولاد والأطفال والنسوان ، وتركوا ديار الكفر قاعا صفصفا ، وغنموا مغانم كثيرة ، وذخائر تختار وتصطفى.
وفتحت قلعة أسطوبور بقرب بودون ، بعد الحرب الشديد ، وأضيفت إلى الممالك السلطانية ، وضبطت وفتحت أيضا قلعة وسوة ، وقتل من الكفار ما لا يعد ولا يحصى ، وعادت الحضرة الشريفة السلطانية بمن فى ركابها الشريف من العساكر الشريفة السلطانية إلى مقر تختها الشريف ، منصورين مؤيدين بتأييدهم الدين الحنيف ، والله يؤيد بنصره من يشاء.
الغزوة العاشرة : بيج واسترعون.
توجه الركاب الشريف السلطانى ، والمخيم الشريف السليمانى إلى افتتاح عدة قلاع فى بلاد بيج ؛ لتنظيف البلاد من طوائف الكفار ، أهل العناد ، من قطع دابر أولئك الفجار بالغزو والجهاد فى سنة ٩٩٥ ه.
وبرز فى دار الملك أسطنبول بالجيش المتواتر الموصول والجند الأعظم المهول إلى أن أحاط بقلعة وايلوه ، وقلعة سفلا ولاش ، وهما من أحكام القلاع السامية ، وأعظم الحصون المرتفعة العالية ، تناطح النطح ، وتسامك السماك وتوازن الميزان ، فافتتحها فى غرة ربيع الأول فى ذلك العام ، وصارت من مضافات ممالك الإسلام ، ثم افتتحت قلعة استرعون ، وهى قلعة فى غاية الاستحكام والإتقان ، وأحكم من بنيان الأهرام ، وكان قنديل سقفها نجوم الثريا ، وحارس بابها كواكب العواد يطاف منطقها وشاح الجوزاء ، مشحونة بالأموال والذخائر ، مملوءة بالعد ، والعدد الوافر ، ألقى الله تعالى فى قلوب