السلطانية من جانب الشرق ، بادرت الحضرة السليمانية بجيوشها المنصورة العثمانية ، إلى أن تشتى فى مدينة حلب ، وبعد انقضاء زمن الشتاء ، يتوجه إلى أخذ بلاد قزلباس.
فبرز الوطاق الشريف السلطانى من دار الإسلام القسطنطينية العظمى إلى أسكودر فى أوائل شهر رمضان سنة ٩٩٦ ه ، واستمر إلى أن وصل إلى أرجلى ؛ لقطع الراحل والمناذر ، فاستقر أوطاقه العالى خارج أركى ، واستدعى والده السلطان مصطفى ، فامتثل أمره الشريف ، ووصل إليه ، ودخل إلى أخى كاهه العالى ، فما برز إلا فى تابوت حمل على الأعناق إلى بروسنا ، ودفن بها ، واتبع به والده ودفن معه فى بروسا أيضا ، عليهما الرحمة والرضوان ، وروائح الروح والريحان ، ووقع ذلك فى أخر سنة ٩٩٦ ه ، وقد قدمنا شرح ذلك.
وتوجهت الركائب السلطانية الشريفة إلى بلاد حلب واستمر بها أيام الشتاء ، وتوفى السلطان جهانكير قوة عين السلطنة الشريفة وثمرة فؤادها ، لعشر ليال بقين من ذى الحجة الحرام سنة ٩٩٦ ه ، وجهز تابوته إلى أسطنبول فى ذى الحجة من السنة المذكورة.
ولما انقضى الشتاء توجه الركاب الشريف السلطانى إلى نحجوان من بلاد العجم ؛ فأخلى الشاه وتركها خالية ، ومضى إلى بعض الأطراف والجوانب ، ولم يقاتل ، ولم يحارب ، ولم يقارب ؛ فعادت الحضرة السيلطانية رلى أماسيه ، وقام ليكن على بلاد العجم نائبا ، فجاءت رسل الشاه وطرق باب الصلح ، فرأت الحضرة الشريفة السلطانية إجابة الشاه إلى سؤاله ؛ ترويحا للعساكر السلطانية ، وصونا لدماء الرعية ، فأنعمت على الشاه ، بقبول ما يتمناه ، وأمرت بإرسال أجوبة حسب مراده ومناه.
وعادت حضرتها الشريفة إلى تخت ملكها الشريف ، ممدودا ظل سلطانها الوريف ، واستقرت ذاتها العلية قريرة العين بالسعادات الباهرة السنية على تخت الخلافة البهية ، بدار الإسلام قسطنطينية ، لا زالت بعيون السلطنة العثمانية محروسة محمية ، آمين.