إلى مسألته ، فلم يلبث إلا سنتين أو أكثر منهما بأشهر حتى تحين قفول الجند عن المدينة ثم أغلق بابها وقتل عاملها وأسر من معه من الجند وعدة من اليهود ولحق وأصحابه بأرض الروم ، فقدر المسلمون بعد ذلك عليه فى البحر وهو متوجه إلى ساحل للمسلمين فى مراكب كثيرة فقتلوه ، ويقال : بل أسروه وبعثوا به إلى عبد الملك فقتله وصلبه ، وسمعت من يذكر أن عبد الملك بعث إليه من حصره بطرابلس ثم أخذه سلمان وحمله إليه فقتله وصلبه وهرب من أصحابه جماعة فلحقوا ببلاد الروم ، وقال على بن محمد المدائني قال عتاب بن ابراهيم : فتح طرابلس سفيان بن مجيب ثم نقض أهلها أيام عبد الملك ففتحها الوليد بن عبد الملك فى زمانه.
وحدثني أبو حفص الشامي عن سعيد عن الوضين ، قال : كان يزيد بن أبى سفيان وجه معاوية إلى سواحل دمشق سوى طرابلس فإنه لم يكن يطمع فيها فكان يقيم على الحصن اليومين والأيام اليسيرة فربما قوتل قتالا غير شديد وربما رمى ففتحها ، قال : وكان المسلمون كلما فتحوا مدينة ظاهرة أو عند ساحل رتبوا فيها قدر من يحتاج لها إليه من المسلمين فإن حدث فى شيء منها حدث من قبل العدو سربوا إليها الأمداد ، فلما استخلف عثمان بن عفان رضى عنه كتب إلى معاوية يأمره بتحصين السواحل وشحنتها وإقطاع من ينزله إياها القطائع ففعل.
وحدثني أبو حفص عن سعيد بن عبد العزيز ، قال : أدركت الناس وهم يتحدثون أن معاوية كتب إلى عمر بن الخطاب بعد موت أخيه يزيد يصف له حال السواحل ، فكتب إليه فى مرمة حصونها وترتيب المقاتلة فيها وإقامة الحرس على مناظرها واتخاذ المواقيد لها ، ولم يأذن له فى غزو البحر وأن معاوية لم يزل بعثمان حتى أذن له فى الغزو بحرا وأمره أن يعد فى السواحل إذا غزا أو أغزى جيوشا سوى من فيها من الرتب وأن يقطع