قال أبو مسعود : وكان عمر بن هبيرة بن معية الفزاري أيام ولايته العراق أحدث قنطرة الكوفة ثم أصلحها خالد بن عبد الله القسري واستوثق منها ، وقد أصلحت بعد ذلك مرات قال ، وقال بعض أشياخنا : كان أول من بناها رجل من العباد من جعفي فى الجاهلية ، ثم سقطت فاتخذ فى موضعها جسرا ، ثم بناها فى الإسلام زياد بن أبى سفيان ، ثم ابن هبيرة ، ثم خالد بن عبد الله ، ثم يزيد بن عمر بن هبيرة ، ثم أصلحت بعد بنى أمية مرات.
حدثني أبو مسعود وغيره ، قالوا كان يزيد بن عمر بن هبيرة بنى مدينة بالكوفة على الفرات ونزلها ومنها شيء يسير لم يستتم فأتاه كتاب مروان يأمره باجتناب مجاورة أهل الكوفة فتركها وبنى القصر الذي يعرف بقصر ابن هبيرة بالقرب مى جسر سورا ، فلما ظهر أمير المؤمنين أبو العباس نزل تلك المدينة واستتم مقاصير فيها وأحدث فيها بناء وسماها الهاشمية فكان الناس ينسبونها إلى ابن هبيرة على العادة ، فقال : ما أرى ذكر ابن يسقط عنها ، فرفضها وبنى بحيالها الهاشمية ونزلها ، ثم اختار نزول الأنبار فبنى بها مدينته المعروفة فلما توفى دفن بها ، واستخلف أبو جعفر المنصور فنزل المدينة الهاشمية بالكوفة واستتم شيئا كان بقي منها وزاد فيها بناء وهيأها على ما أراد ، ثم تحول منها إلى بغداد فبنى مدينته ومصر بغداد وسماها مدينة السلام وأصلح سورها القديم الذي يبتدئ من دجلة وينتهى إلى الصراط ، وبالهاشمية حبس المنصور عبد الله بن حسن بن حسن بن على بن أبى طالب بسبب ابنيه محمد وابراهيم وبها قبره ، وبنى المنصور بالكوفة الرصافة وأمر أبا الخصيب مرزوقا مولاه فبنى له القصر المعروف بأبى الخصيب على أساس قديم ، ويقال : أن أبا الخصيب بناه لنفسه فكان المنصور يزوره فيه ، وأما الخورنق فكان قديما فارسيا بناه النعمان بن امرئ القيس وهو ابن الشقيقة