طرقه الوجع. وهلك لخمس عشرة ليلة ، في رابع وعشرى ذي الحجة خاتم تسع وخمسين. وبادر القائم بالدولة ، الوزير الحسن بن عمر إلى إطلاق جماعة من المعتقلين ، كنت فيهم ، فخلع عليّ ، وحملني ، (١) وأعادني إلى ما كنت عليه ، وطلبت منه الانصراف إلى بلدي ، فأبى عليّ ، وعاملني بوجوه كرامته ، ومذاهب إحسانه ، إلى أن اضطرب أمره ، وانتقض عليه بنو مرين ، وكان ما قدّمناه في أخبارهم. (٢)
الكتابة عن السّلطان أبي سالم
في السر ، والإنشاء
ولما أجاز السّلطان أبو سالم من الأندلس لطلب ملكه ، ونزل بجبل الصّفيحة من بلاد غمارة. وكان الخطيب ابن مرزوق بفاس ، فبثّ دعوته سرّا ، واستعان بي على أمره ، بما كان بيني وبين أشياخ بني مرين من المحبّة والائتلاف ، فحملت الكثير منهم على ذلك ، وأجابوني إليه ، وأنا يومئذ أكتب عن القائم بأمر بني مرين ، منصور (٣) بن سليمان بن منصور بن عبد الواحد بن يعقوب بن عبد الحق ، وقد نصبوه للملك ، وحاصروا الوزير الحسن بن عمر ، وسلطانه السّعيد ابن أبي عنان ، بالبلد الجديد ، فقصدني ابن مرزوق في ذلك ، وأوصل إليّ كتاب السّلطان أبي سالم ، بالحضّ على ذلك ، وإجمال الوعد فيه ، وألقى عليّ حمله ، فنهضت به ، وتقدمت إلى شيوخ بني مرين ، وأمراء الدولة بالتحريض على ذلك ، حتى أجابوا ؛ وبعث ابن مرزوق إلى الحسن بن عمر ، يدعو إلى طاعة السّلطان أبي سالم ، وقد ضجر من الحصار ، فبادر
__________________
(١) حمله : أعطاه ظهرا يركبه. (لسان).
(٢) انظر العبر ٧ / ٣٠٩ ـ ٣١٠ فقد بيّن القول في كيفية اضطراب الأمر على الوزير الحسن بن عمر.
(٣) منصور بن سليمان بن منصور بن أبي مالك بن يعقوب عبد الحق المرينى ، كان من الشفوف في أيام أبي عنان ، بحيث أرجف الناس بأن ملك أبي عنان بعد موته ، صائر إليه. انظر أخبار طلبه للملك ومقتله في العبر ٧ / ٣٠٢ ـ ٣٠٥.