مشايعة السّلطان عبد العزيز صاحب المغرب
على بني عبد الواد
ولما دخل السّلطان عبد العزيز تلمسان ، واستولى عليها ، وبلغ خبره إلى أبي حمّو وهو بالبطحاء ، فأجفل من هنالك ، وخرج في قومه وشيعته من بني عامر ، ذاهبا إلى بلاد رياح ، فسرّح السّلطان وزيره أبا بكر بن غازي في العساكر لاتباعه. (١) وجمع عليه أحياء زغبة والمعقل باستئلاف وليّه ونزمار (٢) وتدبيره ؛ ثم أعمل السّلطان نظره ورأى أن يقدّمني أمامه إلى بلاد رياح لأوطّد أمره ، وأحملهم على مناصرته ، وشفاء نفسه من عدوّه ، بما كان السّلطان آنس منّي من استتباع رياح ، وتصريفهم فيما أريده من مذاهب الطاعة ، فاستدعاني من خلوتي بالعبّاد عند رباط الوليّ أبي مدين. (٣) وأنا قد أخذت في تدريس العلم ، واعتزمت على الانقطاع ، فآنسني ، وقرّبني ، ودعاني إلى ما ذهب إليه من ذلك فلم يسعني إلا إجابته ، وخلع عليّ ، وحملني ، وكتب إلى شيوخ الدّواودة بامتثال ما ألقيه إليهم من أوامره. وكتب إلى يعقوب بن علي ، وابن مزنى بمساعدتي على ذلك ، وأن يحاولوا على استخلاص أبي حمّو من بين أحياء بني عامر ، ويحولوه إلى حي يعقوب بن علي ؛ فودعته وانصرفت في عاشوراء اثنين وسبعين ، فلحقت الوزير في عساكره وأحياء العرب من المعقل وزغبة على البطحاء. ولقيته ، ودفعت إليه كتاب السّلطان ، وتقدّمت أمامه. وشيّعني ونزمار يومئذ ، وأوصاني بأخيه محمد. وقد كان أبو حمّو قبض عليه عندما أحسّ منهم بالخلاف ، وأنهم يرومون الرحلة إلى المغرب. وأخرجه معه من تلمسان مقيدا ، واحتمله في معسكره ، فأكد عليّ ونزمار يومئذ في المحاولة على استخلاصه بما
__________________
(١) ذكرت هذه الأحداث مفصلة في العبر ٧ / ٣٢٩ وما بعدها.
(٢) هو الشيخ أبو يعقوب ونزمار بن عريف بن يحيى. كان ولي بني مرين فعهدوا إليه بمنصب الشوار ، والوزارة. وجاءت أخباره متفرقة في العبر ٧ / ٣٢٩ ، ٣٣٠ وما بعدها.
(٣) أبو مدين : شعيب بن الحسن الأندلسي. صوفي شهير ، يعرف بأبي مدين الغوث. له ترجمة مطولة في البستان ص ١٠٨ ـ ١١٤ ، وجذوة الاقتباس ص ٣٣٢ ، أحمد بابا ص ١٢٧.