تسعين. وفي طيّه مدرجة بخطّه ، (وقد قصر فيها عن الإجادة) نصّها :
سيّدي رضي الله عنكم وأرضاكم ، وأظفر يمناكم بنوائب مناكم.
أعتذر لكم عن الكتاب المدرج هذا طيّه بغير خطي ، فإنّي في الوقت بحال مرض من عينيّ ، ولكم العافية الواقية ، فيسعني سمحكم ، وربما أن لديكم تشوقا لما نزل في هذه المدّة بالمغرب من الهرج حاطه الله ، وأمن جميع بلاد المسلمين.
والموجب أن الحصّة الموجّهة لتلك البلاد في خدمة أميرهم الواثق ، ظهر له ولوزيره ومن ساعده على رأيه إمساكها رهينة ، وجعلهم في القيود إلى أن يقع الخروج لهم عن مدينة سبتة. وكان القائد على هذه الحصّة العلج المسمّى مهنّد ، وصاحبه الفتى المدعو نصر الله. وكثر التردّد في القضية ، إلى أن أبرز القدر توجيه السّلطان أبي العبّاس ـ تولاه الله ـ صحبة فرج بن رضوان بحصّة ثانية ، وكان ما كان ، حسبما تلقيتم من الركبان ، هذا ما وسع الوقت من الكلام. ثم دعا ، وختم.
وإنّما كتبت هذه الأخبار وإن كانت خارجة عن غرض هذا التعريف بالمؤلف ، لأنّ فيها تحقيقا لهذه الواقعات ، وهي مذكورة في أماكنها من الكتاب ، فربّما يحتاج الناظر إلى تحقيقها من هذا الموضع.
وبعد قضاء الفريضة ، رجعت إلى القاهرة محفوفا بستر الله ولطفه ولقيت السّلطان ، فتلقّاني ـ أيّده الله ـ بمعهود مبرّته وعنايته. وكانت فتنة الناصري (١) بعدها سنة إحدى وتسعين. ولحقت السّلطان النكبة التي محصه الله فيها وأقاله ، وجعل إلى الخير فيها عاقبته ومآله ، ثم أعاده إلى كرسيه للنظر في مصالح عباده ، فطوّقه القلادة التي ألبسه كما كانت ، فأعاد لي ما كان أجراه من نعمته ، ولزمت كسر البيت ممتّعا بالعافية ، لابسا برد العزلة ، عاكفا على قراءة العلم وتدريسه ، لهذا العهد فاتح سبع وتسعين. (٢)
__________________
(١) يأتي حديثه مفصلا عن فتنة الناصري هذه فيما بعد.
(٢) هنا تنتهي النسخ : الظاهري ، ش ، ط ، ز ، ونسخة نور عثمانية. وقد اختلفت عبارة «الختم» فيها ، وسنذكرها عند الحديث عن هذه النسخ ، وتقديرها والمقارنة بينها.