الباب الثاني
ومتى تسمّى ظروفا ، ومعنى قول النّحويين الزّمان ظرف للأفعال ، والرّد على من قال في بيانهما بغير الحق من الأوائل والأواخر. وهذا الباب يشتمل على ما ذكر ماهية الزّمان والمكان وحكاية أقوال الأوائل فيهما ، محقّهم ومبطلهم وإبطال الفاسد منها وما يتعلق بذلك وفصوله أربعة:
فصل
اعلم أن أسماء الزّمان والمكان إنما تسمّى ظروفا إذا كانت محتوية لما هي ظروف لها فإن لم تكن محتوية فليست بظروف ، بل هي أسماء تبيّن ما وقعت عليه من غيره كسائر الأسماء ، كقولك: مكانكم طيب ، وخلفك واسع ، وأمامك الصحراء ، ويوم الجمعة مبارك ، وشهر رمضان شهر طاعة وإنابة ، فإنما هذا كقولك : عبد الله كريم ، وزيد مبارك ، وموضع كونها ظروفا أن تقول : سرت يوم الجمعة وضربت زيدا يوم السبت ، فاليوم مفعول فيه. وسنذكر قطعة واسعة من الأزمنة تأتيا بأسمائها إلى أن نتمكن من شرح جملها وتفاصيلها ، ونأتي على حقها وحقيقتها ويندس في أثنائها الكثير من مبهمات الأمكنة لأنها هي التي تكون ظروفا دون محدوداتها ، واتّسع باب الأزمان ، لأنّ الأحداث انقسمت بانقسامها فهي تتضمنها دون الجثث والأشخاص ، ولذلك قال سيبويه: المكان أشبه بالأناسى فلها صور تثبت عليها وحدود تنتهي إليها وتتباين بها.
فمن أسماء الزّمان : اليوم واللّيلة والبارحة الأولى وأمس وأول من أمس ، وأول من أول من أمس ، وإذ مضافة إلى جملة كالفعل والفاعل والابتداء والخبر وقط وعصر وزمان ودهر ووقت في الزّمان والمكان ، وأسبوع وشهر وعام وسنة فيما مضى وحقب ، وغد وأبد في المستقبل ، وإذ مضافة إلى فعل وفاعل ، وذات مرة ، وذات المرار ، ولا يستعملان إلا ظرفا ، وذات العويم وإبّان وإفان وقبل وبعد ، ولا يرفعان ، وبعيدات بين ، وكذلك ، وليس قبل وبعد ولا بعيد من أسماء الزّمان ، ولا بعيدات بين ، ولا من أسماء ساعاته.