الباب الخامس
في قسمة الأزمنة ودورانها واختلاف الأمم فيها
اعلم أنّ الشّمس تدور في الفلك دورا طبيعيا ، وهي لازمة له وعليها طريقها والقمر ـ والكواكب الخمسة ، وهي : عطارد ـ والزّهرة ، والمريخ ، والمشتري ، وزحل. ربما كانت على هذا الفلك ، وربما مالت إلى الشّمال ، والجنوب ، ويسمّى هذا الميل عرض الكواكب ، ويسمّى هذا الفلك فلك البروج ، وهي اثنا عشر : (الحمل) ، و (الثور) ، و (الجوزاء) ، و (السرطان) و (الأسد) ، و (السّنبلة) ، و (الميزان) ، و (العقرب) ، و (القوس) ، و (الجدي) ، و (الدلو) ، و (الحوت) ، وإنما انقسم هذا الانقسام لأنّ الشّمس متى انتقلت في دورانها من نقطة بعينها عادت إلى تلك النّقطة بعد ثلاث مائة وخمسة وستّين يوما وربع يوم. وفي دورها تستوفي فصول السّنة التي هي الرّبيع ، والصيف ، والخريف ، والشّتاء.
ولهذه العلّة سميّت هذه الأيام سنة الشّمس ، والقمر يجتمع مع الشّمس في مدة هذه الأيام اثنتي عشرة مرة فجعلت الشّمس اثنتي عشر شهرا وسميت الشّهور القمرية ، كما جعل الفلك اثني عشر برجا ليكون لكل شهر برج.
وأسماء شهور العرب : المحرم ، وصفر ، والرّبيع الأول ، والرّبيع الآخر ، وجمادى الأولى ، وجمادى الأخرى ، ورجب ، وشعبان ، ورمضان ، وشوّال ، وذو القعدة ، وذو الحجّة.
قال الشّيخ : اختلف الناس في أعداد أيام سنيهم ، وهم متفقون في عدّة الشّهور واعتماد العرب فيها خاصة على الأهلّة ، فكل اثني عشر هلالا عندهم سنة ، فتكون عدد أيامها ثلاث مائة وأربعة وخمسين يوما.
قال أبو الحسن المعروف بالصّوفي : بين أصحاب الحساب من الرّوم ، والهند خلاف يسير في مقدار هذا الكسر ، فكان الأوائل من أهل الروم متفقين في القديم على ربع يوم فقط ، ثم استدركوا فيه شيئا حقيرا.