هذا الباب حتى يوصفا من بين المنازل كلّها شهرتهما وكثرة استعمالهم إيّاهما ، ولا سيما النّجم ، فإن تفقدهم له شديد ، وذكرهم إيّاه كثير ، وإذا لم يعدل القمر عن المنزل قيل : كالح مكالحة والمكالحة: مثل المكافحة كأنه إذا لاقاه دافعه من غير حاجز بينهما.
فصل
في بيان الاختلاف الواقع بين العرب في أوقات الأنواء والكلام في الضّيقة
قال أبو الحسين الصّوفي هذا الذي يذكرونه في الضّيقة وأنّ القمر ربما قصر فنزل بها غلط ، لأنّ كواكب الثّريّا في خمس عشرة درجة من الثّور ، وهذان الكوكبان في أربع وعشرين درجة ونصف منه ، وبين الثّريّا وبينهما نحو تسع درجات ، وأبطأ ما يكون سير القمر في يوم وليلة ، وأبعده نحو إحدى عشرة درجة ، وإنّما سمّيت الفرجة التي بين الثّريّا والدّبران الضّيقة ، لأنهم يستعملون طلوعها وسقوطها في المغرب بالغدوات عند طلوع رقبائها ، وظهورها من تحت الشّعاع ، ورقيب كلّ واحد منهما هو الخامس منه ، ولا يستعملون طلوعهما. ووسط الثّريّا في خمس عشرة درجة من الثّور والدّبران في خمس وعشرين درجة منه وبينهما بدرجات البروج عشر درجات ، لكنّ عرض الثّريّا في الشمال عن درجتها أربع درجات ودقائق. وعرض الدّبران في الجنوب خمس درجات.
ومن شأن الكواكب الشّمالية أن تطلع قبل طلوع درجتها وتغيب بعد مغيب درجتها ، والجنوبيّة تطلع بعد طلوع درجتها ، وتغيب قبل مغيب درجتها ، فتطلع الثّريّا كذلك مع ثلاث عشرة درجة من الثّور بالتّقريب ويطلع الدّبران مع سبع وعشرين درجة منه ، فيكون بين طلوع الثّريّا وطلوع الدّبران أربع عشرة درجة بالتّقريب ، وتغيب الثّريا مع سبع عشرة درجة من الثّور لا تغيب بعد درجتها. ويغيب الدّبران مع ثلاث وعشرين درجة منه ، لأنّه يغيب قبل درجة ، فيكون بين مغيب الثّريّا ومغيب الدّبران ست درجات بدرجات البروج.
فلمّا وجدوا بين غروب الثّريّا وغروب الدّبران هذا القدر ، سمّوا الفرجة بينهما بضيقة ، واستخشوها واستخشوا الدّبران أيضا مفردا وتشاءموا به حتى قالوا : إنّ فلانا أشأم من حادي النّجوم ، ويتشاءمون أيضا بالمطر الذي يكون بنوءه ويزعمون أنّهم لا يمطرون بنوء الدّبران إلّا وتكون سنتهم جدبة.
قال أبو زيد وقطرب جميعا : وهذه حكاية عن القشريين ، قالوا : أوّل المطر الوسمي ، وأنواؤه العرقوتان ، المؤخّرتان من الدلو ثم الشّرط بتسكين الراء ثم الثّريّا وبين كلّ نجمين نحو من خمس عشرة ليلة ثم الشّتوي بعد الوسمي وأنواؤه الجوزاء ثم الذّراعان ونثرتهما ثم الجبهة وهو آخر الشّتوي وأوّل الدفيء ، ثم الدفيء وأنواؤه آخر الجبهة ، ثم الصّرفة وهي