الباب السّابع
في تحديد سنيّ العرب والفرس والرّوم وأوقات فصول السّنة
قد عرفتك فيما تقدم أنّ العرب تبدأ بالشّتاء بعد أن تجعل السّنة نصفين شتاء وصيفا ثم يقسم الشّتاء نصفين فتجعل الصّيف أوّله والقيظ آخره وأنّها تفارق سائر الأمم في تحديد الأوقات ، فأوّل وقت الرّبيع الأوّل عندهم وهو الخريف ثلاثة أيام تخلو من أيلول ، وأوّل الشّتاء عندهم ثلاثة أيام تخلو من كانون الأوّل ، وأوّل الصّيف عندهم وهو الرّبيع الثّاني خمسة أيام ، تخلو من حزيران ، والخريف عندهم اسم للمطر الذي يأتي في آخر القيظ من دون الزّمان. وذكر المراد الفقعسي أنّه يكون حلول الشّمس بأعلى منازلها في شدة الحر ، وذلك إذا حلّت بأول السّرطان فقال شعرا :
إذا طلعت شمس النّهار فإنّها |
|
تحلّ بأعلى منزل وتقوم |
يريد أنّ الشّمس في منتهى صعودها في القيظ ، فإذا طلعت حلّت بأوّل منها ، وإذا انتصفت قامت على قمة الرأس. وهذا يدل على معرفتهم بحلول الشّمس رءوس الأرباع ، وإن كان حساب فصولهم على غير ذلك.
وأمّا أصحاب الحساب فيحدّون فصول السّنة بحلول الشّمس بنجم من هذه النّجوم الثمانية والعشرين ، ويجعلون لكلّ زمان من الأزمنة الأربعة سبعة أنجم منها. ويبدءون من الأزمنة بالفصل الذي تسمّيه العامة : الرّبيع وهو عند العرب الصّيف ، ونجوم هذا الفصل الشّرطان والبطين والثّريّا والدّبران والهقعة والهنعة والذّراع ، والشّمس تحل بالشّرطين بالغداة لعشرين ليلة تخلو من آذار فتسترهما وتستر المنزل قبلهما ، فلا يزال الشّرطان مستورين بها إلى أن يطلعا بالغداة ، لستّ عشرة ليلة تخلو من نيسان فيكون بين حلول الشّمس بها وطلوعها سبع وعشرون ليلة.
وإذا حلّت الشّمس برأس الحمل اعتدل اللّيل والنّهار ، فصار كلّ واحد منهما اثنتي