الباب التّاسع عشر
في أقطاع اللّيل ـ وطوائفه ـ وما يتّصل به ويجري مجراه
قال يعقوب : يقال : فعلته أوّل اللّيل وهو من عند غيبوبة الشّمس إلى العتمة والعشاء من صلاة المغرب إلى العتمة ، ويقال : أتيته ظلاما وعشاء وبعد عشوة من اللّيل ، والعتمة : وقت صلاة العشاء الآخرة.
قال الخليل : العتمة ويقال العتمة بسكون التاء : الثّلث الأوّل من اللّيل بعد غيبوبة الشّفق ، وله قبل صلاة العتمة ، والعتوام التي تحلب في تلك السّاعة ، وإنمّا سمّوها العتمة من استعتام نعمها ، ويقال : حلبناها عتمة وعتمة والعتمة بقية اللّبن يغبق به تلك السّاعة يقال : أفاقت النّاقة إذا جاء وقت حلبها ، وقد حلبت قبل ذلك.
وقال الأصمعيّ : عتم يعتم إذا احتبس عن فعل الشيء يريده وقد عتم قراه وأعتمه وإنّ قراه لعاتم أي بطن محتبس ، وصف عاتم ، وعتم أورد إبله في تلك السّاعة وأعتم صار فيها. قال أوس : أخو شركي الورد غير معتمّ.
وحكى ابن الأعرابي : قالت الينمة : أنا الينمة أعبق الصّبي قبل العتمة ، وأكبّ النّمال فوق الأكمة. والينمة : بقلة تشبه الباذروج ، قال : وكلّما كثرت رغوة اللّبن كان أطيب لبنا من المضارع ، يقول درّي يتعجل للصّبي وذلك أنّ الصّبي لا يصبر والمراعي أطيب ، وأمّا فورة العشاء فعند العتمة ، يقال : أتيته فورة العشاء وعند فورة العشاء ، وإنّما هو من فار الظّلام إذا علا وارتفع. أبو عبيدة : أتيته ملس الظّلام أي حين يختلط الظّلام بالأرض ، وذلك عند صلاة العشاء وبعدها شيئا ، وفعلته عند ملس الظّلام ، وهو مثل الملث ، وعند غلس الظّلام أيضا ، ودمسه وجنحه وغسقه. وأتيته في غسق اللّيل ، وحين غسق اللّيل أي في اختلاط وحين اختلط. ثم الشّميط وهو مشبه بالشّيب لبياض الفجر في سواد اللّيل كالشّيب في الشّعر الأسود ، ويقال : غسق يغسق غسوقا وغسقا. قال تعالى : (وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ) [سورة الفلق ، الآية : ٣].