بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الجزء الثاني
الباب الحادي والعشرون
في أسماء السّماء والكواكب ، والفلك ، والبروج وهي ثلاثة فصول
فصل
قال قطرب : السّماء مؤنثة وتصغيره سميّة. وزعم يونس أنّ سماء البيت يذكّر ويؤنّث ، وكان أبو عمرو بن العلاء يقول : السّماء سقف البيت يذكر وينشد لذي الرّمة :
وبيت بمهواة خرقت سماءه |
|
إلى كوكب يروي له الماء شاربه |
فإن قيل : لم ألحق بمصغّره الهاء وهو على أربعة أحرف ، فقيل : سميّة ومن شرط ما كان على أربعة أحرف من المؤنّث أن لا يلحق بمصغّره الهاء قلت : كان مصغّره يجتمع في آخره ياءات استثقل وخفّف بما حذف منه فعاد يصغّر من حيث اللّفظ به تصغير الثّلاثي. وقال بعضهم : يجوز أن يكون الواحد سماءة وهي السّماءة أعلى كل شيء ، وقال رجل من بني سعد :
زهر تتابع في السّماء كأنّما |
|
جلد السّماء لؤلؤ منثور |
وعلى هذا يذكّر ويؤنّث لأنّ ما ليس بينه وبين واحده إلّا طرح الهاء كالنّخل والنّخلة يذكّر ويؤنّث. قال تعالى : (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ) [سورة المزّمّل ، الآية : ١٨] فذكر ، ويقال في جمعه : اسمية وهذا إنما يجيء على جمعه مذكّرا لأنّ أفعله من جمع المذكّر كالغطاء والأغطية والرداء والأردية ، والمؤنّث يكون على أفعل مثل ذراع وأذرع. قال العجّاج : بلغه الرّياح والسّمى ، وهذا جاء التأنيث كعناق ، وعنوق. قال سماء وسمي ليس كعناق وعنوق ، لأنّ عناقا مؤنّث ، وسمي الذي هو المطر مذكّر على أنّ المطر سمّي سماء لنزوله من السّماء ، فأما قوله لنهدر كان من أعقاب السمي فإنما خففه وإن كان فعولا للقافية مثل من سر ضرّ ، وقوله :
كأنّما قد رفعت سماؤها |
|
فصار لون تربها هواؤها |