إنما سمّيت بالصّفات على حسب أحوالها ، فإذا اشتبكت نجومها فهي الجرباء ، وإذا غابت النّجوم فهي الملساء ، وهذا كما سمّي البحر المهرقان فعللان من المهرق ، وهو فارسية مهره ، وإنما أريد به ملاسته واستواؤه إذا انقطع عنه الموج على أنّ قولهم الخلقاء لا ينافي الجرباء إن كان المراد بالجرباء : النّجوم التي فيها.
وذكر بعضهم أنّ قولهم للبحر : مهرقان وهو من هرقت الماء وزنته مفعلان كأنّه يهرق الماء إلى السّاحل ثم يعود. والصّحيح ما قدّمته وأنشدت لابن مقبل :
يمشي به شول الظّباء كأنّها |
|
جني مهرقان سال باللّيل ساحله |
ويريد بجني مهرقان الودع ، وشبّه الظّباء به.
والمجرّة قيل : هي باب السّماء وافتخر أعرابيان فقال أحدهما : بيتي بين المجرّة والمعرّة وقيل : المعرّة وما وراء المجرّة من ناحية القطب الشّمالي سمّيت معرّة لكثرة النّجوم فيه ، وأصل المعرّة موضع العر ، وهذا كما يسمّون السّماء الجرباء.
ويقال : أتيتك حين ازمهرّت الكواكب في السّماء أي أضاءت.
ويقال : أجهر لك الفجر إذا استبان ووضح.
وحكى الخليل الصّاقورة : وقال : هو اسم السّماء الثّانية في شعر أمية بن أبي الصّلت :
وبنى الإله عليهم صاقورة |
|
صماء ثالثة تماع وتجمد |
وذكر الحافورة في شعر أمية وقيل هو اسم السّماء الرّابعة وقد ذكره الخارزنجي أيضا.
وذكر الدّريدي أنّ البرجس والبرجيس نجم من نجوم السّماء قال هو بهرام : والجبار : اسم للجوزاء والشّعرى العبور تلو الجوزاء ويسمّى : كلب الجبار أيضا وفي المثل : أتلي من الشّعرى (ومن أسماء السّماء اللّاهة) وسمّيت اللّاهة تعظيما لها ، وهو مشتق من لفظ الإله لأنّه المعبود المعظّم.
ويقال : شنع النّجم إذا ارتفع وهو من تشنّعت الفرس إذا ركبته وتشنّعت الغارة إذا تثبتها.
فصل
الفلك أصله الدّوران والفلك السّفينة يذكّر ويؤنّث قال تعالى : (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا) [سورة هود ، الآية : ٣٧] ثم قال تعالى : (فَاسْلُكْ فِيها) [سورة المؤمنون ، الآية : ٢٧] فأنّث. وقال في موضع آخر : (فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) [سورة الشعراء ، الآية : ١١٩] فذكّر ،