الباب السّابع والثّلاثون
في ذكر الرّوّاد وحكاياتهم وهو فصلان
فصل
قال ابن الأعرابي : يقال : ماء مدرع : إذا أكل ما حوله من الكلأ وماء قاصر : إذا كان المال حوله يرعى.
وحكى الأصمعي في صفة رائد : هو شديد النّاظر سديد الخابر ، ينظر بملء عينه لنفسه وغيره. قال : وزعم أبو صالح التميمي أنّ رجلا من العرب سأل أعرابيّين ، فقال : أين مطرتما؟ قالا : مطرنا بمكان كذا وكذا. قال فما ذا أصابكما من المطر؟ قالا : حاجتنا. قال : فما سيل عليكما؟ قالا : ملنا الوادي كذا وكذا فوجدناه مكسرا ، وملنا الوادي كذا فوجدناه مشطيا. قال : فما وجدتما أرض بني فلان؟ قالا : وجدناها ممطورة ـ قد ألس غميرها ـ وأخوص شجرها ـ وأخلس نصيصها ، وأليث سخيرها ـ وأحلس حليها ـ ونببت عجلتها. قوله : مكسرا يعني سالت جرفته وشعابه ومعنانه أي جوانبه ، ومعنان لا واحد لها من لفظها ومعنى مشطيا سال شاطياه ، ومعنى نببت صارت لها أنابيب. وأحلس حليها أي قد خرج فيه خضرة والخضرة الطرّية. ويقال : قد أخلس وأليث سخيرها يعني اشتعل ورقا.
قال : وقيل لآخر : كيف كلأ أرضك؟ قال : أصابتنا ديمة بعد ديمة على عهاد غير قديمة. فالتاب يشبع قبل العظيمة. وقيل لابنة الحسن : ما أحسن شيء؟ قالت : غادية في اثر سارية في تنجاء قاوية. التنجاء : أرض مرتفعة لأنّ النبت في أرض مشرف أحسن. وقد قالوا : نفخاء رابية. قال : ليس فيها رمل ولا حجارة. والجميع نفاخى ونبت الرّابية أحسن من نبت الأودية. لأنّ السّيل يصرع الشّجر فيقذفه بالأودية فيلقي عليها الدّمن.
وقالت أيضا : أحسن شيء سارية في إثر غادية ، في روضة أنف ، أكل منها وترك.
وقيل لأعرابي : أيّ مطر أصابك؟ قال : مطيرة يسيل شعاب السّخبر. وتروي التلعة المحلة شعاب السّخبر. عرضها ضيّق وطولها قدر رمية الحجر. والتلعة المحلّة التي تحلّ