فصل
في ذكر مواقعهم ومسارحهم
قال النّبي صلىاللهعليهوسلم لأصيل الخزاعي حين قدم عليه المدينة : «كيف تركت مكة يا أصيل؟» قال : تركتها وقد أحجن تمامها ، وأغدق أذخرها ، وأمشر سلمها ، فقال : «يا أصيل دع القلوب تقر». وروي أنه لمّا هاجر رسول الله صلىاللهعليهوسلم أصاب القوم وعك فدخل عليهالسلام على أبي بكر (رضياللهعنه) فقال : كيف تجدك فقال شعرا :
كلّ امرئ مصبح في أهله |
|
والموت أدنى من شراك نعله |
ثم دخل على عامر بن فهيرة فقال : كيف تجدك فقال شعرا :
وجدت طعم الموت قبل ذوقه |
|
إنّ الجبان حتفه من فوقه |
والثّور يحمي أنفه بروقه ثم دخل على بلال (رضياللهعنه) فقال : كيف تجدك فقال شعرا:
ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة |
|
بفجّ وحولي أذخر وجليل |
وهل أردن يوما مياه مجنّة |
|
وهل يبدون لي شامة وطفيل |
فقال صلىاللهعليهوسلم : «طرب القوم إلى بلادهم : اللهم حبّب إلينا المدينة كما حبّبت إلينا مكة» وقال الرّاجز : جاء بنو عمّك روّاد الأنق. وقال رؤبة من طول بعد الرّبيع في الأنق. وقال بعض الرّواد وسئل عمّا وراءه فقال : هلمّ أظعنكم إلى محل تطفأ فيه النّيران ، يعني لا يوجد عود يابس يوقد عليه. وقيل لأعرابي : كيف كان المطر عندكم؟ فقال : مطرنا بعراقي الدّلو وهمي ملي.
وقال أبو زياد : بعث شيخ أبنين له يرتادان ، فانصرف إليه أحدهما فقال الشّيخ : خلّ على ما وجدت ، فقال : ثأد ماد ، مولى عهد ، يشبع منه النّاب ، وهي تعدو أقفر ، يعني مكاكية فلبث ولم يظعن ، حتّى أتاه الآخر فقال : كيف وجدت الحياء؟ قال حياء ما ذا؟ قال : العام وعام مقبل؟ فقال له الشّيخ : خلّ على ما وجدت. قال ؛ وجدت بقلا وبقيلا وسبلا وسبيلا ، خوصه مثل اللّيل ، قد دبّ ما تحث هنا كم السّيل قال : هل به أحد؟ قال : نعم به بنو الرّجل لا يوجد أثرهم.
قال أبو زيد : بقلا أي وسميا كان مطره قبل الشّتاء. وبقيلا كان مطره بعد ذلك. وسبلا كان من الوسمي. وسبيلا كان بعد ذلك وهو الذي نبت منه البقيل ، قال : وعنى بالخوصة العرفج والثمام والسّبط وما كان في أصل ، قال : فلم يشك بنوه أنّ الشّيخ ظاعن