الباب الثامن والثلاثون
في ذكر الوراد ومن جرى مجراهم من الوفود
قال : العريجاء أن ترد غدوة وتصدر عن الماء فيكون سائر يومها في الكلأ وليلتها ويومها من غدها ، ثم ترد ليلا ثم تصدر عن الماء ، ويكون بقية ليلتها في الكلأ ويومها من الغد وليلتها ثم يصبح الماء غدوة ، فهذه العريجاء ، وهي من باب صفات الرّفه. وفي الرّفه الظّاهرة والضّاحية والآئبة والعريجاء وظاهرة الغب ، وهي للغنم لا تكاد تكون للإبل ، والظّاهر أن ترد كلّ يوم ضحوة والآئبة أن ترد كلّ ليلة ، وظاهرة الغب أقصر من الغب قليلا ، وقال : أقصى ظمأ الغنم في الشّتاء سدس ، وفي الصّيف ترد كلّ يوم ، والإبل أقصى ظمأها ثلاثة أعشار في غير الجزء ، والجزء أن يكتفوا بالرّطب عن الماء ، وأقصى ظمأ الحمار الأهلي غبّ في الشّتاء والرّفه أن يرد كلّما أراد وأقلّ ظمأ الإبل الغب ، وكلّ هذا حكاه ابن الأعرابي.
قال : ودخل رؤبة على سليمان بن علي فقال : ما بقي من باتك؟ فقال : إنّي لأظمي فأورد فأقصب ، قال : أقصب الرّجل : إذا أورد فلم يشرب إبله إلّا شربا ضعيفا وقصبت هي. ودخل عليه مرة أخرى ، فقال : ما عندك؟ فقال : يمتد فلا يشتد ، فإذا أكرهته يرتد ، فقال : إنّي لأجد ذلك.
وحكى غير واحد من الرّواة أنّه لما وردت وفود العرب على رسول الله صلىاللهعليهوسلم قام طهفة بن أبي زهير ، فقال : أتيناك يا رسول الله من غور تهامة بأكوار الميس ، ترتمي بنا العيس ، نستحلب الصّبير ، ونستخلب الخبير ونستعضد البرير ، ونستخيل الرّهام ، ونستجيل الجهام ، من أرض غائلة النّطأ ، غليظة الموطأ قد نشف الدّهن ، ويبس الجعتن ، وسقط الأملوج ، وماد العسلوج وهلك الهدي ، ومات الودي ، برئنا يا رسول الله من الوثن والعنن ، وما يحدث الزّمن لنا دعوة السّلام ، وشريعة الإسلام ما طما البحر ، وقام تعار ، ولنا نعم همل إغفال ، ما تبض ببلال ووقير كثير الرّسل ، قليل الرّسل ، أصابتها سنة حمراء موزلة ليس