الباب الأربعون
في أسواق العرب
قال أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي ، في إسناد ذكره أنّ أسواق العرب الكبيرة كانت في الجاهلية ثلاث عشرة (١) سوقا.
فأوّلها قياما : سوق دومة الجندل : وهي على ثلاث عشرة مرحلة من المدينة ، وعلى عشر مراحل من الكوفة ، وعلى عشر مراحل من دمشق ، حصنها ممرد وبها التقى الحكمان ، ثم صحار ـ ثم دبا ـ ثم الشّحر ـ ثم رابية حضرموت ـ ثم ذو المجاز ـ ثم نطاة خيبرا ، ثم المشقر ـ ثم حجر باليمامة ـ ثم منى ، ثم عكاظ ـ ثم عدن ـ ثم صنعا.
وكانت هذه الأسواق منها ما يقوم في الأشهر الحرم ولا يقوم في غيرها ، ومنها ما لا يقوم في الأشهر الحرم ، ويقوم في غيرها. لكنّه لا يصل أحد إليها إلا بخفير ولا يرجع إلا بخفير.
دومة الجندل
قال أبو المنذر : كان أوّل هذه الأسواق قياما دومة الجندل : يوافيها العرب من كل أوب ، وقيامها أوّل يوم من شهر ربيع الأول إلى النّصف منه ، ثم ترق ولا تزال قائمة على رقّتها إلى آخر الشهر ـ ثم يفترقون منها إلى مثلها من قابل. قال : وكانت كلب وجديلة طيء جيرانها ، وكان ملكها بين اكيدر العبادي من السكون وبين قنافة الكلبي ، وكان غلبة الملكين عليها أن يتحاجبا فأيّهما غلب صاحبه بما يلقي عليه تركه ، والسّوق يفعل بها ما شاء ولم يبع فيها أحد من الشّام ولا أهل العراق إلا بإذنه ، ولم يشتر فيها ولم يبع حتى يبيع الملك كلّ
__________________
(١) وقال أيضا في كنز المدفون إن أسواق العرب كانت في الجاهلية ثلاثة : مجنّة وكانت بالظّهران وعكاظ بين نجد والطائف وذو المجاز : بالجانب الأيسر إذا وقفت بعرفة ١٢ القاضي محمد شريف الدين عفا عنه.