الباب الثامن والأربعون
في ذكر السّراب ، ولوامع البروق ، ومتخيّلات المناظر ووصف السّحاب
(السّراب) : هو الذي يتلألأ نصف النهار كأنّه ماء ، لازقا بالأرض وهو الآل وقيل الآل يكون ضحوة ، والسّراب نصف النّهار. وفي القرآن : (كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً) [سورة النّور ، الآية : ٣٩] وقيل في الفرق بينهما : إنّ الآل هو الذي يرفع كلّ شيء ، وسمّي الآل لأنّ الشخص هو الآل ، فلما رفع الشّخص قيل هذا آل. قال الأعشى :
حتّى لحقناهم تعدى فوارسنا |
|
كأنّنا رعن قف يرفع الآلا |
وقيل : هذا من المقلوب ، أراد كأنّنا رعن قف يرفعه الآل ، والآل يرتفع عن وجه الأرض ، واللّعاب الذي يتساقط من السّماء كأنّه زبد في مرأى العين ويسمى ريق الشّمس. قال :
يثرن الثّرى حتّى يباشرن برده |
|
إذا الشّمس مجّت ريقها بالكلاكل |
ويلمع اسم السّراب ، وفي المثل : إنما أنت يلمع.
ويقال لبرق الخلّب : يلمع أيضا ولذلك قيل : أكذب من يلمع ، واليلامع من السّلاح : ما برق نحو البيضة ، ولا معا المفازة جانباها.
ويقال : ما بها لا مع أي أحد ، و (الرّقراق) مثل السّراب وقيل رقراق السّراب ترقرقه. قال الشّاعر :
يدوم رقراق السّراب برأسه |
|
كما دوّمت في الأرض فلكة مغزل |
وقد صحا السّراب أي انكشف ومصح الآل وتسعسع والذي تراه في الشّمس كأنه خيط ممتد يقال له مخاط الشّيطان. وقد كنّي عن السّراب بأبوال البغال قال شعرا :
وحمير أبوال البغال بأنّني |
|
تسديت وهنا ذلك البينا |