أحصي حمار بات يكدم نجمة |
|
أتوكل جيراني وجارك سالم |
صغّر أمره وشبّهه بحمار سوء ، وكانت العرب تؤرّخ بكلّ عام ينفق فيه أمر جليل مشهور متعارف كتاريخهم بعام الفيل ، وفيه ولد النبيّ صلىاللهعليهوسلم وكان ذلك في السّنة الثامنة والثّلاثين من ملك كسرى أنو شروان.
وروي لنا عن أبي العيناء في إسناد يرفعه إلى أبي جعفر محمد بن علي قال : ولد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليلة الاثنين لعشر ليال خلون من شهر ربيع الأول ، وكان الفيل في النّصف من المحرّم بينه وبين مولد رسول الله صلىاللهعليهوسلم خمس وخمسون ليلة. وبذلك الإسناد أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ماتت أمّه وله ستّ سنين.
وروى جبير بن مطعم أنه قيل لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : أتذكر موت عبد المطلب؟ قال : أنا يومئذ ابن ثمان سنين.
وروي عن الزّهري أنّ أبا رسول الله صلىاللهعليهوسلم توجّه إلى الحجاز ممتارا فمات ورسول الله صلىاللهعليهوسلم حمل.
وروي أن آمنة أم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ماتت وتركت أم أيمن وهي أم أسامة بن زيد ، فأرثها رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكان إذا رآها قال : بقية أميّ. فهكذا كان يجري أمر التّاريخ ، وكما أرّخوا قبله بعام الخنان (١) لأنّهم تماوتوا فيه ، وعظم أمره عليهم. قال النّابغة شعرا :
فمن يك سائلا عنّي فإنّي |
|
من الشّبان أيّام الخنان |
مضت مائة لعام ولدت فيها |
|
وعشر بعد ذاك وحجّتان |
فقد أبقت صروف الدّهر منّي |
|
كما أبقت من السّيف اليماني |
وروي من غير وجه أنّه كان بعد النّبي صلىاللهعليهوسلم كان الأقرع بن حابس يحكم العرب في كلّ موسم ، وكانت العرب تتيمّن وهو أول من حرّم القمار ، فانقادوا له لذلك قال البعيث :
وعمّي الذي انقادت معد لحكمه |
|
فألقوا بأرسلان إلى حكم عدل |
قوله : القوا بأرسلان : كما قيل : ألقيت إليك المقاليد ، وما أقل من أرّخ في شعره على أنه يروى للمستوغر بن ربيعة وهو من المعمّرين :
ولقد سئمت من الحياة وطولها |
|
وازددت من عدد السّنين سنينا |
مائة أتت من بعدها مائتان لي |
|
وأردت من عدد الشّهور مئينا |
هل ما بقي إلّا كما قد فاتنا |
|
يوم يكرّ وليلة تحدونا |
__________________
(١) في القاموس الخنان كغراب داء يأخذ الطّير في حلوقها وفي العين وزكام الإبل. وزمن الخنان كان في عهد المنذر بن ماء السماء ماتت الإبل منه ـ شريف.