والصّبح ـ والصّباح ـ والإصباح واحد. وفي التّنزيل : (فالِقُ الْإِصْباحِ) [سورة الأنعام ، الآية : ٩٦] والصّبيح : الحسن الوجه. وكذلك الصّبحان ، وقد صبح صباحة والحق الصّابح البيّن ، وقد صبح الحق يصبح صبحا. والمصباح السّراج وكما قيل : وجه صبيح قيل أيضا وجه مسرج. قال : وفاحما ومرسنا مسرجا.
وكذلك الشّفق شفقان : أحدهما قبل الآخر ، ومثالهما من أول اللّيل مثال الفجرين من آخره ، فالأول هو الأحمر وإذا غاب حلّت صلاة العشاء الآخرة. والثّاني : هو الأبيض والصلاة جائزة إلى غروبه وهو يغرب في نصف اللّيل وآخر أوقات العشاء الآخرة نصف اللّيل.
والزّوال : يشار به إلى ما دلّ الله تعالى عليه بقوله : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) [سورة الإسراء ، الآية : ٧٨] ودلوك الشّمس : غروبها وزوالها ، فدلّ بالدّلوك على صلاة الظّهر ، وعلى صلاة المغرب ، ودلّ بقوله : إلى غسق وهو الظّلام على صلاة العشاء الآخرة. وقال تعالى : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) [سورة البقرة ، الآية : ٢٣٨] وهي العصر ، وجعلها الوسطى لأنّها بين صلاتين في النّهار وصلاتين في اللّيل. وقال تعالى : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) [سورة الإسراء ، الآية : ٧٨] فدلّ على صلاة الصّبح. وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يصلّي الظّهر إذا دحضت الشّمس. يراد إذا زالت ، وأصل الدّحض الزّلق وذاك أنها لا تزال ترتفع حتى في جوّ السّماء فتراها تقف شيئا ثم تنحطّ ، فحينئذ تزول وتحول الظّل من جانب إلى جانب ، ويسمّى فيئا. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أمّني جبرائيل مرّتين فصلّى الظّهر حين مالت الشّمس قيد الشّراك ، وصلّى العصر وظلّه مثله ، وصلّى المغرب حين رفعت الشّمس وصلّى العشاء حين غاب الشّفق ، وصلى الصّبح حين طلع الفجر ، فلما كان الغد صلّى الظّهر وظلّه مثله ، وصلّى العصر وظلّه مثلاه ، وصلّى المغرب حين رفعت الشّمس ، وصلّى العشاء حين ذهب ثلث اللّيل ، وصلّى الغداة فأسفر بها وقال : الوقت ما بين هذين». ويروى أنّه قال : إنّ الصلاة فيما بينهما. فقوله صلىاللهعليهوسلم حين مالت الشّمس قيد الشّراك : يريد أنّها زالت ، فصار للشخص فيء يسير قدر الشّراك ، وليس يكون هذا في كل بلد إنما يكون في البلد الذي يتنقل فيه الظّل عند الزّوال ، فلا يكون فيء أصلا.
وقال الرّاجز :
إذا زقا الحادي المطيّ اللّغبا |
|
وانتقل الظّل فصار جوربا |
وقال ابن مقبل وذكر فرسا :
يبني على حامييه ظلّ حاركه |
|
يوم توقّده الجوزاء مسموم |