ثم قال ؛ روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه ، وذكر عنه خبرا ، ولم يزل يجري في ميدان الوعظ حتى بكى الطائع ، وسمع شهيقه ، وابتل منديل بين يديه بدموعه ، فأمسك ابن سمعون حينئذ ، ودفع إليّ الطائع درجا فيه طيب وغيره ، فدفعته إليه ، فانصرف ، وعدت إلى حضرة الطائع ، فقلت : يا مولاي رأيتك على صفة من شدة الغضب على ابن سمعون ، ثم انتقلت عن تلك الصفة عند حضوره فما السبب؟ فقال : رفع إليّ عنه أنه ينتقص علي بن أبي طالب فأحببت أن أتيقن ذلك لأقابله عليه إن صح ذلك منه ، فلمّا حضر بين يدي افتتح كلامه بذكر علي بن أبي طالب والصلاة عليه ، وأعاد وبدأ (١) في ذلك ، وقد كان له مندوحة في الرواية عن غيره ، وترك الابتداء به ، فعلمت أنه وفّق لما تزول به عنه الظنة ، وتبرأ ساحته عندي ، ولعله كوشف بذلك ، أو كما قال.
أخبرنا أبو محمّد طاهر بن سهل ، حدّثنا أبو بكر الخطيب ، أنبأنا علي بن الحسن بن محمّد الدّقّاق قال : سمعت أبا الحسين بن سمعون وكانوا يقرءون عليه الحديث ، فرأى رجلا ينسخ في حال القراءة ، فقال : حضرت [لتسمع أو](٢) لتنسخ ، وقال : كن كأنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم جالس يحدّثنا ونسمع حديثه إذا فرغ من القراءة يقول للذي يكتب السماع فلان لينسخ أو يسمع.
أخبرنا أبو القاسم العلوي ، وأبو الحسن المالكي ، قالا : حدّثنا [ـ و](٣) أبو منصور بن خيرون ، أنبأنا ـ أبو بكر الخطيب (٤) ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ قال : توفي أبو الحسين (٥) بن سمعون في ذي القعدة أو ذي الحجّة سنة سبع وثمانين وثلاثمائة ، الشك من أبي نعيم.
قال (٦) : وأنبأنا أحمد بن محمّد العتيقي قال : سنة سبع وثمانين فيها توفي أبو الحسين بن سمعون الواعظ يوم النصف من ذي القعدة ، وكان ثقة مأمونا.
قال الخطيب : وذكر لي غير العتيقي أنه توفي يوم الخميس الرابع عشر من ذي القعدة ، ودفن في داره بشارع الغتابيين (٧) ، فلم يزل هناك حتى نقل في يوم الخميس الحادي عشر من
__________________
(١) بالأصل وم وت ود : «وأبدا» والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٢) ما بين معكوفتين استدرك عن هامش الأصل وبعدها صح.
(٣) زيادة لتقويم السند عن م ، ود ، وت.
(٤) تاريخ بغداد ١ / ٢٧٧.
(٥) بالأصل : الحسن ، تصحيف.
(٦) القائل : أبو بكر الخطيب ، تاريخ بغداد ١ / ٢٧٧.
(٧) بدون إعجام بالأصل وم ، وت ، وفي م : «العباسن» والمثبت عن تاريخ بغداد ، وكتب مصححه بالهامش : «كذا في الأصل المصور ، وفي المخطوط بالعين المهملة ، ولم نقف عليها».