الطبري يقول : سمعت جعفر بن عبد الله بن سهل يقول : قال أبو حمزة محمّد بن إبراهيم الصّوفي : قلت لمحمّد بن علي الدمشقي ـ وكان سيّد الصّوفية ، وقد رأيت معه غلاما جميلا زمانا طويلا ، ثم فارقه ـ : لم هجرت ذلك الفتى الذي كان معك ، وقد كنت له مواصلا وإليه مائلا؟ قال : والله لقد فارقته على غير قلى ، ولا ملال مني له ، قلت : فلم فعلت ذلك؟ قال : رأيت قلبي يدعوني إلى أمر إذا أنا خلوت به سقطت من عين الله عزوجل فتركته تنزيها لله عزوجل ثم لنفسي ، وإنّي لأرجو من الله عزوجل يعقبني (١) بمفارقتي له ما أعقب الصالحين من (٢) محارمه عند صدق الوفاء بأحسن الجزاء.
قرأت على أبي محمّد عبد الله بن أسد بن عمّار ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنبأنا عبد الوهّاب بن جعفر بن علي الميداني ، ثنا أبو علي أحمد بن محمّد بن عليّ بن الحسين المعروف بابن الرقّي ، حدّثني أبو بكر محمّد بن أحمد الدّينوري من لفظه ، ثنا جعفر الخيّاط قال : سمعت محمّد بن إبراهيم الصّوفي ، ويكنى أبا حمزة قال : كنت مع أبي الصّبّاح (٣) محمّد بن علي الدمشقي وكان من خيار عباد الله ، فنظر إلى غلام فقال :
سبحان من أمات هذه القلوب عن طاعته ، وأحياها عند النظر إلى معصيته ، ما أدري بأيّ لسان أعوذ ولا (٤) بأي قلب أشكو سرعة طرفي إلى النظر الحرام (٥) ، أو هجومه على طلب الآثام ، حتى كأني به لا أطالب وبنظره لا أحاسب ، وتالله لو غفر لي الله لي هذه النظرة لاستحييت منه أن يكون قد اطّلع على ما اطّلع مني فيها ، ثم بكى.
٦٨٣٣ ـ محمّد بن علي المعروف بغلام الراشدي (٦)
ولي إمرة دمشق في أيام المقتدر سنة سبع عشرة وثلاثمائة بعد وصيف المكتمري (٧) ، وعزل وولي بعده أبو بكر محمّد بن طغج بن جفّ سنة ثمان عشرة وثلاثمائة فيما ذكره أبو الحسين الرازي.
__________________
(١) بالأصل : «يعاقبني» وفي «ز» : «يعفيني» والمثبت عن د.
(٢) في «ز» : «عن غارمه».
(٣) صحفت بالأصل إلى : صالح.
(٤) بالأصل ود : «أو لا» وفي «ز» : شطبت «لا» وبقي : «أو» والمثبت يوافق ما جاء في المختصر.
(٥) في المختصر : للحرام.
(٦) ترجمته في تحفة ذوي الألباب ١ / ٣٤٣ وأمراء دمشق ص ٧٩.
(٧) ترجمته في تحفة ذوي الألباب ١ / ٣٤٢ وأمراء دمشق ص ٩٥.