لم أجد الفرصة حينذاك في بلدة (هنجام) لدراسة لهجة أهل الباطنة من بعض القراصنة الذين كانوا عابرين بسفنهم الشراعية وذلك في ليلة واحدة تقريبا ، وجميع دراساتي العربية التي تعلمتها من خلال الأربع سنوات لم تفيدني بأي شيئ مع هذا الرجل ولهجته. والمحادثة التي كانت بيننا الآن بها الكثير ما هو في لعبة» Buz «أو لعبة التخمين ، ولكن مع قليل من الصبر استطعت فهم الحديث فقلت : «جي يسيرون ، هذين الاثنين ، يبغون فلوس» (وهذا يعني أن الاثنين سيرحلان ويريدان دفع أجرتهما هنا).
إن هذا على كل لم يزعجني كثيرا ، لأننا سنبقى حوالي ثلاثة أو أربعة أيام داخل الخيمة لحين دفع أجور جميع الرجال ، وصديقيّ الاثنين سيبقيان لذلك أيضا ، لأنهما في الحقيقة لم يكن لديهما الشجاعة ليخبراني أنهما راحلان. فهما يعتقدان بأن لديهما ثلاثة أسباب قوية لطلبهما دفع الأجرة مقدما ، وحتى لا أثير شكهما برفضي كنت أحاول دائما أن لا أتقرب منهما حتى هذه اللحظة.
بعد ذلك صعدنا إلى أعلى هضبة طينية ناعمة زرقاء ثم انحدرنا إلى الجهة المعاكسة ووجدنا أنفسنا في ممر ضيق منخفض تابعنا سيرنا فيه حتى وصلنا إلى سفح (ابنين باند) الذي يعلو ٠٠٠ ، ٣ قدما فوقنا وهنا أرشدنا قائدنا للمكان الوحيد المنبسط الذي ممكن أن ننصب به خيمتنا. وحتى تنصب الخيمة فرشت سجادتي ووضعت الكرسي الخاص في طرفها وبقينا ننتظر «الريس» وأصدقائه. أولا جاء «شداد» و «يوسف» وهما الزعيمين لساحل (مكران) من الساحل مع بعض رجالي الذين وقفوا يظهرون ولائهم بصور مختلفة لهؤلاء الحكام ، فأخذوا مسرعين يقبّلون أيديهم.
إن هذين الحاكمين الصغيرين ذوى البنية الطويلة بطلعتهما القوية كانا محترمين جدا لتسامحهما وكان الترحيب بينهما وبين الرجال باديا على جانب عطوف من جهة ومخلص وودي من جهة أخرى ، وكأن كلام