قدما وذلك بعد ضربات قوية من هذا البطل الصغير.
بعد أن ضحكنا من هذه المناظر أخذنا أماكننا على المقاعد ، وهناك حضر لل (دربار) أو «مجلسنا» رجل اندهشت عند ما اكتشفت أنه فارسي ، عند الترحيب به عرفت أنه محصل للضرائب. وهنا بلا شك بدأت أدرك على ماذا تقف الأمور الآن ، لأن التعرف الغير عادي «للريس» حينما كان متواضعا وخاضعا ويظهر الفقر والحاجة ليعطي انطباعا للمحصل أنه لا يملك مالا ويتسول.
أما «محمد بيك» (١) فيبدو من منظره بأنه شرير ، ووجهه كالثعلب ، إنه أول رجل أراه في حياتي هكذا ، ورغم ذلك رحبت به بصعوبة في وقت بدأ المطر والبرد ، فأسرعنا لدخول الخيمة ، إلا أن الخيمة لم تكن مريحة كما ينبغي حيث كانت الرياح تعصف بشدة مما تطلب ذلك جلوس خمسة أو ستة رجال خارج الخيمة ليمسكوا بحبالها.
عند ما هدأت الرياح استأذن الزوار بالخروج ، وقد لبّى «الريس» جميع طلباتنا من تمر ودقيق ، ووعدني بأنه سيأتي ليراني. أما باقي اليوم فقد انقضى في استقبال زوار أقل مقاما ومرضي للمعالجة بصفة خاصة من أمراض التهاب العين ، على كل ، يجب عليّ أن لا أنسى زيارة رجل عربي سيئ الحظ قادم بمفرده لملاقاتنا في تلك القلاع الجبلية. بدى لي أنه تاجر جياد من (مسقط) ، لم أستطع أن أعلم ما هي الظروف الغريبة التي دفعته
__________________
(١) محصلوا الضرائب كانوا قد بدءوا ينتشرون في مناطق بلوشستان بعد ضمها من قبل القوات العسكرية للحكومة الفارسية (القاجارية آنذاك) وكان مطلوبا منهم جمع هذه الضرائب في كافة المدن والقرى حيث أن حكومة الشاه القاجاري كانت تدفع أرباح قروضها في أوروبا ، ولكنها لم تنجح في النهاية وحدثت الثورة الدستورية ضد الشاه ١٩٠٦ مما عجل بعدها لا حقا بزوال الدولة القاجارية على يد «رضا شاه بهلوي».