هذه أحسن فرصة تتاح لي لعبور هذه الجبال ، وبالتالي لتحقيق تلك الأمنية.
عند النظر في خارطة السير «فريدريك غولد سميد» تبدو (بنت) (١) منطقة جميلة تستحق التوجه إليها ، ومن مزاياها أيضا أنه لم يسبق لأبناء بلدي الذهاب إليها .. وهكذا قررت أن أجعلها محطة سفري الأولى.
وقررت أن أصحب مجموعة كبيرة من المراقبين في رحلتي هذه ، وبدا من الصعب أن أجد الجمال السبعة المحدّدة للحمولة ، وهكذا انقضت ثلاثة أيام في البحث عن جمال في البلدة دون جدوى بسبب عدم معرفة حقيقة اتجاهي والخوف من البرد ، وكذلك كان الموسم هو موسم التوالد في هذه الأيام ، وكل الجمال الذكور الشابة كانت هائجة مع الإناث.
وفي مساء السابع من يناير حصلنا على سبعة جمال ، هنأت نفسي بها إذ أن واحدا فقط من الجمال كان هائجا وكان ذكرا كبيرا وعمره خمس سنوات ، يصيح باستمرار ويخرج زبدا كثيرا من فمه ؛ ولذلك استحق أن يوصف بأنه إبل عجوز ، ولكن فيما بعد اتضح أنه أفضل من منظره ، وبسبب مرضي فقد كانت أمتعتي أكثر مما كان ضروريا بما فيها الخيمة والسرير وكرسي وطاولة متنّقلة. «صالح» ـ الملا العربي ـ صاحبني للتحري عن شؤون الأهالي ورواياتهم. أما الطباخ فقد كان «جونيس» العنيد ، و «غلام شاه» كان السفرجي وهو ولد أمين وقوي ، أما «جلال» العجوز» أبو زيد سروج» (٢) ذو الفطنة والدهاء ، فقد حمل بندقيتي ، بينما سائقوا الجمال الخمسة والذين ظهرت الطيبة على وجوههم فقد حملوا الخيمة والحطب
__________________
(١) (بنت) : بلدة مشهورة هي مركز حكم «الشيرانيين» ـ ومنها أيضا ظهر الأمير «قنبر بن سليمان» في أشعار البلوش.
(٢) أبو زيد السروج : شخصية عربية في كتاب «الأصفهاني» عاشت في البصرة.