و ٦٠ سنة ، وطوله ٥ أقدام و ٦ بوصات ، نحيلا ، قويا ، متسامحا ، ذراعاه وساقاه ضعيفة ، وتبدو خشنة ومشققة مثله في ذلك مثل بقية أبناء بلاده ، شعر رأسه محلوق ومغطى بعمامة دبقة على طريقة أهل الدين المحافظين ، حواجبه الضخمة ذات الشعر الواقف الخشن تغطي عيناه العميقتين الغائرتين ذاتا اللون الرمادي شديد الإحمرار ، مع أنف صغير يتوسط وجهه بطريقة جميلة. ولحيته القصيرة البيضاء تشبه الطين بعد أن صبغها بالحناء. وبينما كان يمشي بجانبي أوضح لي كيف أن مشاكله العائلية أنسته غسل الحناء من لحيته مساء الأمس ، وقد تعاطفت معه عند ما سمعت منه ذلك. فمن عادة البلوشي أن يكون نظيفا وأنيقا خاصة عند ما يكون بين الأجانب ، وكان «جلال» ذا شخصية قوية ، مع قدرة غير عادية على تحمل مشاق السفر فكان عليه أن يمشي أربعة أميال في الساعة من بداية الصباح حتى المساء بظهره المقوّس وقدميه المستقيمتين التي لم يكن يثنيهما أثناء المشي وكأنه لا يدرك فائدة المفاصل في قدميه.
كان «جلال» صيادا ماهرا ومدللا عند «الأمير علي» (١) ، ولكنه الآن أصبح عاجزا عن القيام بمهمته ، وما عليه إلا اللهو بالصيد البسيط ، ومساء كان عليه أن يأكل كمية من التمر ومأكولات أخرى من مشتقات الألبان مثل اللبن والروب واليقط ، وهي من الأطعمة التقليدية للبلوش ، وبعدها كان لا يستطيع الحركة لمدة ساعتين ، وكان مخلصا جدا وعمله يستحق الثناء ، فإن ربط أي شيء من الأحمال يكون ربطها محكما ، وإذا طلبت منه أن يوقظك في الثالثة صباحا ، يكون كل شيء جاهزا في الثانية والنصف ، ومن صفاته أيضا تحمل الجوع.
__________________
(١) كانت حاشية «الأمير علي» ـ خاصة ـ مشهورة في ساحل مكران بأنها كبيرة وكثيرة السفر والترحال بين مناطق (جاسك وبيابان) وحتى مناطق (بنت) و (باشكارد) نظرا لمصاهرته مع حكامها هناك ـ وكان وجود الصيادين والقناصة والعبيد معهم من ضمن ضروريات سفرهم.