فقد قطعنا مسافة كبيرة من النهر واتجهنا إلى أعلى حتى مجرى النهر ، حيث كانت جوانبه مزروعة بالأشجار ، التي كان يقوم بجمع أوراقها المواطنون لتخزينها كسماد حيواني. وقتها كانت الرياح باردة تلفح وجوهنا ببرودة شديدة مصحوبة بقطرات من المطر.
وحوالي الساعة الثالثة توقف الرجال وقالوا إنه من غير الممكن أن نسير أكثر من ذلك في هذا الجو ، فخيمنّا على شاطئ صخري للقناة التي تصب في النهر. وكان المكان الذي نجلس عليه موحل بالكامل. كما أننا ولأول مرة نرى نبات (الطرفاء) هنا والذي ترى منه حزاما من أشجاره في (بمبور). إن الفواكه تجمع وتباع بالكران أو المّن (١) (وزن من ٦ أرطال) أما الزيت الذي يستخرج منه يباع بثمن ٣ كران «للمن».
الساعة الآن هي الثامنة مساء ، وكان هناك مشكلة تدبير أكل الجمل الذي أظهر العصيان على صاحبه وبدأ يدور في الأرض ساحقا الشجيرات الصغيرة. ليس هذا الجمل فحسب بل إن البقية من الجمال لم تأكل ، فما كان من كل واحد من الجمّالة إلا أن يضع الطعام في فمها بالقوة ودفعه داخل حلقها لمضغها رغما عنها.
وفي حوالي العاشرة مساء جلس «برجا» بجانب النار وهو يلف اثنين من عنان اللجامين حول خصره ، كذلك «عبد الله» كان يرقد في الجانب الآخر من النار وحوله يلتف لجام آخر كبير. حتى الآن لم يصب أحد بأذى ؛ حيث أن الجمل الكبير كان مربوطا من سيقانه الأربعة وهو بارك على ركبتيه وفخذيه.
وفي الساعة الحادية عشرة والنصف كان الجمل الكبير يرقد على بعد
__________________
(١) المن : وحدة وزن لا زالت تستخدم إلى اليوم وهي عبارة عن ٤ كيلو غرام أو ٦ أرطال تقريبا.