لقد أصبنا بالدهشة حيث أن أحد الرجال قد أخذ يظهر نفسه بأنه شخص بارز ورفيع الشأن ، وكان ضخما أسود اللون يتبختر في مشيته وذو صوت خشن ، وكان يلبس ملابس الفرس ، وقفازات سميكة وجوارب طويلة ، وكان حديثه عن الجياد ؛ لأنه كان سائسا لخيل «شاكر خان» ولكنني كنت مندهشا عند ما عرفت أنه عبد. وعند ما رأيته يحدّق بملابسي التي تشبه ملابس البحارة القصيرة والحذاء الكبير ، سمعته يقول : «هذا هو زي الشاه» ، وأضاف : «إنك الآن تعلم أن الشاه ملك مدهش فأي شخص قد يحكم عليه ظلما أو يعامل بقسوة ، ما عليه إلا أن يذهب إلى منزله ويقول أين الملك؟ فيأتي الملك إليه فورا ليمنحه عدالته.
إنني لا أصدق أن هذا الرجل كان عبدا أو خادما ولكن ثلاثة أشخاص قد أخبروني بذلك ، ولم تحن لي الفرصة لمحادثته على انفراد ، ولا أعتقد أن وضعي يبّرر طرح أية أسئلة أو استفسارات معه عن هذا الوضع ، لذلك كان عليّ أن أترك الأمر معلقا. وقد طلب مني «مراد خان» نائب «شاكر» بإلحاح أن آخذ أحد خيوله وأذهب إلى (بمبور) خلال يومين ، ولكنني لم أكن مستعدا أن أترك حقيبتي الصغيرة هنا. عرضه هذا جاء ليشير بإصرار وبلهجة حادة إلى الجمّالين الذين سيرافقونني بأن الرحلة ستستغرق معهم خمسة أيام.
عند ما تعوّدنا على الناس أكثر أصبحوا يلحوّن في طلب الأدوية لجميع الأمراض وبصفة رئيسية لأوجاع الرأس. وعند ما تعبت من إلحاحهم إدعيت بأنني قد نسيت جميع الأدوية في (بنت) ولكن بدون أية مقدمات قام (جلال) بدور الطبيب بكل جراءة فقط ليتساوى مع «أبو زيد».
إن الطريق المؤدي إلى الضريح الذي عرفناه من أحد الرجال حيث أوصى «جلال» بأن يزوره ويذبح له ماعز كقربان ، كان نوعا من السخرية وتعبيرا عن استغرابهم لمعرفته السطحية بالمكان.