سنوات ، ويستخدم الإخوة الثلاث نحو مائة وعشرين فارسا معظمهم من ذوى قرباهم أو من العبيد. ولا يتقاضى هؤلاء الجنود مرتبات ثابتة ، ولكنهم يتلقون الأعطية بين الحين والحين ، ولا يلتزمون بأعمال وظيفتهم إلا حين يطوف سادتهم بالبلاد. ومقر حكام النوبة هو الدر ، ولكنهم دائبو الحركة والتنقل فى أرجاء البلاد لجمع الضرائب من رعاياهم الذين لا يدفعونها إلا حين تكرههم على ذلك قوة قاهرة. ويرتكب الإخوة الثلاث فى طوافهم بالبلاد أبشع أعمال الجور والطغيان حيثما كانت المقاومة معدومة ، وكثيرا ما تنعدم. ويقتسم الثلاثة إيراد البلاد بالتساوى ، ولكن كلهم جشع يحسد أخاه ويختلس لنفسه ما وسعه من مال. وإيرادهم السنوى ، حسب تقديرى ، يبلغ ٣٠٠٠ جنيه لكل منهم ، أو من ٨٠٠٠ إلى ٠٠٠ ر ١٠ جنيه للثلاثة معا. ولا تتجاوز نفقات الواحد منهم ٣٠٠ جنيه فى العام. ومعظم ثروتهم من الريالات والعبيد. وهم يصطنعون فى طباعهم ومسلكهم غطرسة كبار الأتراك وعجرفتهم ، وهو تكلف يفضحه ما يرتدون من لباش زرى يأنف من ارتدائه حتى صغار الجند من الترك.
وفى النوبة لا يقدر الإيراد على مساحة الأرض أو عدد الأفدنة كما يفعلون فى مصر والشام ، وإنما يكون التقدير على السواقى التى يستخدمها الأهالى للرى بعد الفيضان وفى أثناء الصيف. وهذه الطريقة منتشرة على ضفاف النيل حتى سنار. وفى القرى الفقيرة تجد الساقية الواحدة يمتلكها ستة من الفلاحين أو ثمانية ، أما المزارعون فيملكون سواقى عديدة. ويتراوح عدد السواقى المنبثة من أسوان إلى وادى حلفا ، أى من الشلال الأول إلى الثانى ، بين ستمائة وسبعمائة ، وتروى الساقية الواحدة من ثلاثة أفدنة إلى خمسة ، وتحتاج إلى تشغيل ثمانى أبقار أو عشر بالتناوب. وحين يزكو الزرع تغل الساقية من قمح الشتاء أو شعيره من ثمانين إلى مائة أردب. ونسبة ما يزرع من هذين المحصولين هى الربع قمحا ، والثلاثة الأرباع شعيرا (١). وتتفاوت الضريبة فى الجهات المختلفة ، ففى وادى حلفا
__________________
(*) فى شهر نوفمبر ١٨١٣ وصل إسنا محمد كاشف فى طريقه إلى أسيوط ليزور إبراهيم باشا حاكم الصعيد ، وهو الذى يضمر للنوبة نوايا سيئة كما هو معلوم. وكان شديد الرغبة فى استرضاء الباشا ، فجلب معه هدايا من العبيد والجمال والخيل الدنقلية. ولكن قصده الأهم من هذه الرحلة كان ـ