مثلا ، يدفع سنويا عن كل ساقية ستة أغنام سمان وستة مدّات من الذرة ، وفى المحس يجبى الملك عن كل ساقية ستة أغنام وأردبين من الذرة وثوبا من الكتان (١) كذلك يجبى الحكام عن كل نخلة مهما كان محصولها ، سباطتين من البلح ويتقاضون مكوسا عن المراكب المحملة بلحا فى الدر (٢). على أن نظام الضرائب فى جملته فى غاية التعسف والفوضى ، وهو مجلبة للخراب العاجل على القرى الفقيرة التى تعجز عن دفع المطالب الجائرة التى تفرض عليها ، فى حين يخف عبء هذه الضرائب على القرى الغنية التى يخشى الحكام إثارة أهلها واستفزازهم. كذلك يقوم أبناء كاشف بوظائف القضاء فى النوبة فتغل عليهم إيرادا كبيرا ، لأن القضاء عندهم لا يعدو أن يكون تجارة.
وإذا قتل نوبى آخر أكره على دفع دية لأسرة القتيل وغرامة للحكام قوامها ستة جمال وبقرة وسبعة أغنام. فإذا أتى اقتضاها الحكام قسرا من أسرته. ولكل
__________________
ـ الشكوى من أخيه الأكبر حسن الذى منح أخيرا ولديه الكبيرين ، داود وخليل ، نصيبا فى حكم النوبة وأكره أخويه على قسمة الإيراد بالتساوى مع ولديه ، فجعل للنوبة بذلك خمسة حكام وفى إسنا لقى محمد كاشف جيشا قوامه مائة جندى جرده ابراهيم على النوبة. ورأى محمد أن من العبث المضى فى رحلته لأسيوط. فعاد لوطنه مع الجنود الترك. وما إن اقترب الجنود حتى هرب أخواه إلى جزيرة أكمه ، بعد شلال وادى حلفا ، على الرغم مما وعدابه من أمان. ومضى الترك فى طريقهم إلى وادى حلفا ، يجمعون باسم إبراهيم باشا ضريبة من كل ساقية. وقد منحوا محمد كاشف جزءا من اثنى عشر من جملة الإيراد لمعاشه. وواضح أن هذه الحملة كانت تستهدف القبض على الحكام جميعا ، ولكنها لم تحقق هدفها. وبعد أن مكث أفرادها زهاء العام فى النوبة يجبون ضريبة الأرض من محصول الزراعة الصيفية أيضا عادوا إلى صعيد مصر. وفى عام ١٨١٥ رجع الجنود الترك إلى النوبة ثانية ، وأكرهوا الفلاحين على دفع الضرائب جمالا بدلا من الغلال. وما إن رحلوا عن البلاد حتى عاد أبناء كاشف الدر ، وجمعوا الخراج هم الآخرون من الأهالى الذين أصبحوا نهبا لجشع الترك والحكام على السواء ، وكلا الفريقين لا يعرف شفقة ولا رحمة لأنه لا يعلم على التحقيق كم من الزمن يحتفظ بسلطانه على البلاد.
(١) بلغت الضريبة التى جبيت عن كل ساقية عام ١٨١٣ ثمانية أرادب ، يضاف إليها ضريبة إضافية من أربعة أغنام وأردب من الغلال تدفع إذا ذهب الحاكم بشخصه للقرية للجباية ، وذلك لإطعام أتباعه وجياده.
(٢) يختلف مقدار البلح الذى تستورده مصر من النوبة بطريق أسوان بين ١٥٠٠ و ٢٠٠٠ أردب كل عام حسب حالة المحصول. وأجرة الشحن من أسوان إلى القاهرة خمسة قروش للاردب يحصل حاكم أسوان لنفسه نصف قرش منها ضريبة مرور. وقد وضعت الحكومة يدها على معظم هذه التجارة الرابحة.