الدرقات التى يبيعها عرب الشايقية من جلود أفراس البحر ، ولا تؤثر فيها رمية رمح أو ضربة سيف. كذلك يقتنى السيوف القادرون على شرائها ، وهى شبيهة بسيوف الفرسان فى القرون الوسطى لها نصل طويل مستقيم عرضه بوصتان ، ومقبض على شكل صليب ، وقرابها من الطراز الذى يعرض أسفله ويدق رأسه. وهذه السيوف ألمانية الصنع ، ويبيعها تجار مصر للنوبيين بأسعار يتراوح بين أربعة ريالات وثمانية للسيف. أما الأسلحة النارية فنادرة ، ويملك الأغنياء بنادق من نوع بدائى ، وليس عند حسن كاشف نفسه غدارة. وذخيرة هذه الأسلحة النارية نادرة غالية الثمن ، لذلك يجدر بالسائحين فى النوبة أن يحملوا معهم من الرصاص ما يقدمونه هدايا تلقى من النوبيين أحسن القبول. وأذكر أننى بعد أن رحلت عن معسكر محمد كاشف فى تينارى جرى ابن أخيه خلفى ميلين على الأقل ليلحق بى ويسألنى رصاصة قائلا إنه أطلق فى حفلة بالأمس الرصاصة الوحيدة التى كانت معه.
ذكرت للقارىء شيئا عن طعام النوبيين المألوف. فهناك خبز الذرة ، وهو فى غاية الخشونة ، ويصنع بغير ملح (١) ويخبزونه على الصاج كبدو جزيرة العرب ولما كانت عملية الطحن والعجن والخبز لا تستغرق كلها أكثر من عشر دقائق ، فإنك تستطيع أن تحكم مطمئنا بأن هذا الخبز لا يمكن أن يكون ناضجا. ويطحن النسوة زاد كل يوم فى الصباح ، فالنوبيون لا يخزنون الدقيق. وفى سكوت والمحسّ يصنعون الخبز رقاقا مستديرا يوضع بعضه فوق بعض حين يقدم على المائدة. وقلما يذوق النوبيون اللحم ، بل إن الحكام لا يتناولونه كل يوم. وشراب البلح [الشربوت] شائع الاستعمال فى القرى الكبيرة ، ولا بأس بطعمه وإن كان فيه حلاوة وغلظ لا يستطيع الشارب معهما أن يصيب منه كثيرا. وطريقة صنعه أنهم ينقعون البلح بعد نضجه فى قدور كبيرة من الفخار ملئت ماء ، ثم يغلونه على النار يومين كاملين بلا انقطاع ، ثم يصفى الشراب ويحفظ الرائق منه فى زلع من الفخار تسدّ وتدفن تحت الأرض
__________________
(*) يستخرج الأهالى المجاورون للتلال الكفرية والمبانى القديمة مادة يسمونها «ماروق» يضعونها فى الخبز عوضا عن الملح.