النهر وسط تلال رملية منخفضة ، ومبناه الرئيسى يبلغ أربعا وعشرين قدما ، وقد سقط سقفه ولم يبق من الجدران الأصلية سوى أسفلها ، وفوقها شاد الإغريق جدرانا من اللبن وحولوا المعبد المتهدم إلى كنيسة ، وحولت الكنيسة هى الأخرى إلى مسجد. وليست هناك آثار لأعمدة فى المعبد ، وما رأيت على الجدران من نقوش هيروغليفية فاق فى رداءة صنعه كل ما رأيت حتى فى معبد سمنة الذى وصفته من قبل. وفى وسع الناظر أن يتبين على الجدار آثار صورة لموقعة حريية ، ومجموعة لبرياريوس تمتاز بالرشاقة برغم رداءة صنعها ، وتمثله وقد ظفر غريمه بناصيته وشهر عليه سكينه ولكن ذراع أوزيريس المبسوطة تحميه. ويختلف الرسم عن نظائره من الرسوم التى تراها معادة مكرورة على جدران المعابد المصرية ، فبرياريوس هنا ليس وحشا متعدد الرءوس ولكنه آدمى الوجه يمسك فى ذراعيه صديقا يعالج سكرات الموت ، وكلاهما يلبس فى أذنيه قرطا ، وشعر رأسه محلوق على طريقة عرب هذا الجزء من إفريقيا بشكل اختلط على بعض السياح ـ ممن وصفوا الطاقية التى رأوها مرسومة على المعابد المصرية ـ فظنوا هذا أيضا طاقية.
وتجاه هذا المعبد فى الشرق قرية صغيرة تدعى أرتينوق تقع إلى الشمال من سرّه الشرقية. وبعد خمس ساعات ونصف بلغنا فرس ، وتقع تجاه الجزيرة الخصيبة التى تحمل هذا الاسم نفسه. وتستمر تلال سره الرملية حتى تواجه أدندان ، وينبسط إلى الغرب منها سهل فسيح تقوم وسطه تلال صخرية منعزلة. وعلى مسيرة سبع ساعات يرى المسافر كنيسة إغريقية متهدمة بنيت جدرانها إلى النصف بالحجر ثم بالآجر. ومررنا بعد سبع ساعات ونصف بثلاث مقابر منحوتة فى الحجر الرملى الذى تتألف منه سلسلة منخفضة من التلال. والمقابر خشنة الصنع ، وبداخلها نقوش إغريقية من عهد متأخر. وسرنا الآن متجهين شرق الشمال الشرقى. وتنتهى سلسلة الجبال الغربية تجاه أدندان ، وتستمر إلى الشمال تلال واطئة يفصلها عن النهر أرض رملية مرتفعة. وبعد تسع ساعات بلغنا البر تجاه قسطل ، وبعد تسع ساعات ونصف عبرنا مجرى جافا لفرع من فروع النهر فبلغنا جزيرة بلانه ، وحططنا عند كوخ من أكواخ عرب القراريش فى طرفها الشمالى أمام قلعة أده ،