الأصح لتعلق الجعل بمعنى الخلق به ، والإعدام لا توصف بالخلق ، وقد رده بعضهم لمعنى الظلم ، وهو المنع ، قال : لأن الظلمة تسد البصر وتمنع الرؤية. الإبصار : الرؤية. (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) جموع كثرة على وزن فعل ، وهو قياس في جمع فعلاء وأفعل الوصفين سواء تقابلا ، نحو : أحمر وحمراء ، أو انفرد المانع في الخلقة ، نحو : عذل ورتق. فإن كان الوصف مشتركا لكن لم يستعملا على نظام أحمر وحمراء ، وذلك نحو : رجل آلي وامرأة عجزاء ، لم ينقس فيه فعل بل يحفظ فيه. والصمم : داء ، يحصل في الأذن يسد العروق فيمنع من السمع ، وأصله من الصلابة ، قالوا : قناة صماء ، وقيل أصله السد وصممت القارورة : سددتها. والبكم : آفة تحصل في اللسان تمنع من الكلام ، قاله أبو حاتم ، وقيل : الذي يولد أخرس ، وقيل : الذي لا يفهم الكلام ولا يهتدي إلى الصواب ، فيكون إذ ذاك داء في الفؤاد لا في اللسان. والعمى : ظلمة في العين تمنع من إدراك المبصرات ، والفعل منها على فعل بكسر العين ، واسم الفاعل على أفعل ، وهو قياس الآفات والعاهات. والرجوع ، إن لم يتعد ، فهو بمعنى : العود ، وإن تعدى فبمعنى : الإعادة. وبعض النحويين يقول : إنها تضمن معنى صار فتصير من باب كان ، ترفع الاسم وتنصب الخبر.
قال الزمخشري : لما جاء بحقيقة صفتهم عقبها بذكر ضرب المثل زيادة في الكشف وتتميما للبيان ، ولضرب العرب الأمثال واستحضار العلماء المثل والنظائر شأن ليس بالخفي في إبراز خبيئات المعاني ورفع الأستار عن الحقائق ، حتى تريك المتخيل في صورة المحقق والمتوهم في معرض المتيقن والغائب بأنه مشاهد ، وفيه تبكيت للخصم الألد وقمع لسورة الجامع الآبي ، ولأمر ما أكثر الله في كتابه المبين وفي سائر كتبه أمثاله ، وفشت في كلام رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكلام الأنبياء والحكماء ، فقال الله تعالى : (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ) (١) ، ومن سور الإنجيل سور الأمثال ، انتهى كلامه.
ومثلهم : مبتدأ والخبر في الجار والمجرور بعده ، والتقدير كائن كمثل ، كما يقدر ذلك في سائر حروف الجر. وقال ابن عطية : الخبر الكاف ، وهي على هذا اسم ، كما هي في قول الأعشى :
أتنتهون ولن ينهى ذوي شطط |
|
كالطعن يذهب فيه الزيت والفتل |
انتهى.
__________________
(١) سورة العنكبوت : ٢٩ / ٤٣.