الرحم فهي ميتة إلى نفخ الروح فيحييها بالنفخ ، والموت الثاني : المعهود ، والإحياء الثاني : البعث. السادس : أن الموت الأول هو الخمول ، والإحياء الأول : الذكر والشرف بهذا الدين والنبي الذي جاءكم ، والموت الثاني : المعهود ، والإحياء الثاني : البعث ، قاله ابن عباس. السابع : أن الموت الأول : كون آدم من طين ، والإحياء الأول : نفخ الروح فيه فحييتم بحياته ، والموت الثاني : المعهود ، والإحياء الثاني : البعث.
واختار ابن عطية القول الأول وقال : هو أولى الأقوال ، لأنه لا محيد للكفار عن الإقرار به في أول ترتيبه ، ثم إن قوله : وكنتم أمواتا ، وإسناده آخرا الإماتة إليه ، مما يقوي ذلك القول ، وإذا أذعنت نفوس الكفار لكونهم أمواتا معدومين ثم للإحياء في الدّنيا ثم للإماتة فيها ، قوي عليهم لزوم الإحياء الآخر وجاء جحدهم له دعوى لا حجة عليها. انتهى كلامه ، وهو كلام حسن.
وللمنسوبين إلى علم الحقائق أقوال تخالف ما تقدم : أحدها : أمواتا بالشرك فأحياكم بالتوحيد. الثاني : أمواتا بالجهل فأحياكم بالعلم. الثالث : أمواتا بالاختلاف فأحياكم بالائتلاف. الرابع : أمواتا بحياة نفوسكم وإماتتكم بإماتة نفوسكم وإحياء قلوبكم. الخامس : أمواتا عنه فأحياكم به ، قاله الشبلي. السادس : أمواتا بالظواهر فأحياكم بمكاشفة السرائر ، قاله ابن عطاء. السابع : أمواتا بشهودكم فأحياكم بمشاهدته ثم يميتكم عن شواهدكم ثم يحييكم بقيام الحق عنه ثم إليه ترجعون من جميع ما لكم ، قاله فارس.
واختار الزمخشري : أن الموت الأول كونهم نطفا في أصلاب آبائهم فجعلهم أحياء ، ثم يميتهم بعد هذه الحياة ، ثم يحييهم بعد الموت ، ثم يحاسبهم. وجوز أيضا أن يكون المراد بالإحياء الثاني : الإحياء في القبر ، وبالرجوع : النشور ، وأن يراد بالإحياء الثاني أيضا النشور ، وبالرجوع : المصير إلى الجزاء. وهذا الذي جوز أن يراد به الإحياء في القبر لا يفهم منه أنه يحيا للمسألة في القبر ، ولا لأن ينعم فيه أو يعذب لأنه ليس مذهبه ، لأن المعتزلة وأتباعهم أنكروا عذاب القبر ، وأهل السنة والكرامية أثبتوه بلا خلاف بينهم ، إلا أن أهل السنة يقولون : يحيا الميت الكافر فيعذب في قبره ، والفاسق يجوز أن يعذب في قبره ، والكرامية تقول : يعذب وهو ميت. والأحاديث الصحيحة قد استفاضت بعذاب القبر ، فوجب القول به واعتقاده.
واختار صاحب المنتخب أن المراد بقوله : أمواتا أي ترابا ونطفا ، لأن ابتداء خلق آدم