القرآن أفضل؟ فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «عربيته ، فالتمسوها في الشعر». وقال أيضا صلىاللهعليهوسلم : «أعربوا القرآن ، والتمسوا غرائبه ، فإن الله تعالى يحب أن يعرب ، وقد فسرت الحكمة من قوله تعالى : (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ) (١) بأنها تفسير القرآن». وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة». وقال الحسن : أهلكتهم العجمة ، يقرأ أحدهم الآية ، فيعيا بوجوهها حتى يفتري على الله فيها. وقال ابن عباس : الذي يقرأ القرآن ولا يفسر كالإعرابي الذي يهذ الشعر. ووصف علي جابر بن عبد الله ، لكونه يعرف تفسير قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) (٢). ورحل مسروق البصرة في تفسير آية ، فقيل له : الذي يفسرها رجع إلى الشام ، فتجهز ورحل إليه حتى علم تفسيرها. وقال مجاهد : أحب الخلق إلى الله تعالى أعلمهم بما أنزل.
وما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من كونه لا يفسر من كتاب الله إلا آيا بعدد علمه إياهن جبريل عليهالسلام». محمول ذلك على مغيبات القرآن وتفسيره لمجمله ونحوه ، مما لا سبيل إليه إلا بتوقيف من الله تعالى. وما روي عنه صلىاللهعليهوسلم من قوله : «من تكلم في القرآن برأيه فأصاب ، فقد أخطأ محمول على من تسور على تفسيره برأيه ، دون نظر في أقوال العلماء وقوانين العلوم ، كالنحو واللغة والأصول ، وليس من اجتهد ففسر على قوانين العلم والنظر بداخل في ذلك الحديث ، ولا هو يفسر برأيه ولا يوصف بالخطأ. والمنقول عنه الكلام في تفسير القرآن من الصحابة جماعة ، منهم : علي بن أبي طالب ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن مسعود ، وأبي بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وعبد الله بن عمرو بن العاص. فهؤلاء مشاهير من أخذ عنه التفسير من الصحابة ، رضي الله تعالى عنهم ، وقد نقل عن غير هؤلاء غير ما شيء من التفسير.
ومن المتكلمين في التفسير من التابعين : الحسن بن أبي الحسن ، ومجاهد بن جبر ، وسعيد بن جبير ، وعلقمة ، والضحاك بن مزاحم ، والسدي ، وأبو صالح. وكان الشعبي يطعن على السدي وأبي صالح ، لأنه كان يراهما مقصرين في النظر. ثم تتابع الناس في التفسير وألفوا فيه التآليف. وكانت تآليف المتقدمين أكثرها ، إنما هي شرح لغة ، ونقل سبب ، ونسخ ، وقصص ، لأنهم كانوا قريبي عهد بالعرب ، وبلسان العرب. فلما فسد اللسان ، وكثرت العجم ، ودخل في دين الإسلام أنواع الأمم المختلفو الألسنة ، والناقصو
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٦٩.
(٢) سورة القصص : ٢٨ / ٨٥.