لئن ساءني أن نلتني بمساءة |
|
لقد سرّني أني خطرت ببالك |
ومعنى ساءه : أحزنه ، هذا أصله ، ثم يستعمل في كل ما يستقبح ، ويقال : أعوذ بالله من سوء الخلق وسوء الفعل : يراد قبحهما. الذبح : أصله الشق ، قال الشاعر :
كأن بين فكها والفك |
|
فأرة مسك ذبحت في سك |
وقال :
كأنما الصاب في عينيك مذبوح
والذبحة : داء في الحلق ، يقال منه : ذبحه يذبحه ذبحا ، والذبح : المذبوح. الاستحياء : هنا الإبقاء حيا ، واستفعل فيه بمعنى أفعل : استحياه وأحياه بمعنى واحد ، نحو قولهم : أبل واستبل ، أو طلب الحياء ، وهو الفرج ، فيكون استفعل هنا للطلب ، نحو : استغفر ، أي تطلب الغفران. وقد تقدم الكلام على استحيا من الحياء في قوله : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً) (١) النساء : اسم يقع للصغار والكبار ، وهو جمع تكسير لنسوة ، ونسوة على وزن فعلة ، وهو جمع قلة ، خلافا لابن السرّاج ، إذ زعم أن فعلة اسم جمع لا جمع تكسير ، وعلى القولين لم يلفظ له بواحد من لفظه. والواحدة : امرأة. البلاء : الاختبار ، بلاه يبلوه بلاء : اختبره ، ثم صار يطلق على المكروه والشدة ، يقال : أصاب فلانا بلاء : أي شدة ، وهو راجع لمعنى البلى ، كأن المبتلي يؤول حاله إلى البلى ، وهو الهلاك والفناء. ويقال : أبلاه بالنعمة ، وبلاه بالشدة. وقد يدخل أحدهما على الآخر فيقال : بلاه بالخير ، وأبلاه بالشر ، قال الشاعر :
جزى الله بالإحسان ما فعلا بكم |
|
فأبلاهما خير البلاء الذي يبلو |
فاستعملهما بمعنى واحد ، ويبنى منه افتعل فيقال : ابتلى.
(يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) : تقدم الكلام في شرح هذا ، وأعيد نداؤهم ثانيا على طريق التوكيد ، ولينبهوا لسماع ما يرد عليهم من تعداد النعم التي أنعم الله بها عليهم ، وتفصيلها نعمة نعمة ، فالنداء الأول للتنبيه على طاعة المنعم ، والنداء الثاني للتنبيه على شكر النعم. (وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ) : ثم عطف التفضيل على النعمة ، وهو من عطف الخاص على العام لأن النعمة اندرج تحتها التفضيل المذكور ، وهو ما انفردت به
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٦.