الخلاف خلاف آخر ، وهو أن صفات الله تعالى الذاتية والفعلية أهي قديمة أم صفات الذات قديمة وصفات الفعل محدثة قولان؟ وأما الرحمة التي من العباد فقيل هي رقة تحدث في القلب ، وقيل هي قصد الخير أو دفع الشر ، لأن الإنسان قد يدفع الشر عمن لا يرق عليه ، ويوصل الخير إلى من لا يرق عليه.
وفي البسملة من ضروب البلاغة نوعان :
أحدهما : الحذف ، وهو ما يتعلق به الباء في بسم ، وقد مر ذكره ، والحذف قيل لتخفيف اللفظ ، كقولهم بالرفاء والبنين ، باليمن والبركة ، فقلت إلى الطعام ، وقوله تعالى في تسع آيات أي أعرست وهلموا واذهب ، قال أبو القاسم السهيلي : وليس كما زعموا ، إذ لو كان كذلك كان إظهاره وإضماره في كل ما يحذف تخفيفا ، ولكن في حذفه فائدة ، وذلك أنه موطن ينبغي أن لا يقدم فيه سوى ذكر الله تعالى ، فلو ذكر الفعل ، وهو لا يستغني عن فاعله ، لم يكن ذكر الله مقدما ، وكان في حذفه مشاكلة اللفظ للمعنى ، كما تقول في الصلاة الله أكبر ، ومعناه من كل شيء ، ولكن يحذف ليكون اللفظ في اللسان مطابقا لمقصود القلب ، وهو أن لا يكون في القلب ذكر إلا الله عزوجل. ومن الحذف أيضا حذف الألف في بسم الله وفي الرحمن في الخط ، وذلك لكثرة الاستعمال.
النوع الثاني : التكرار في الوصف ، ويكون إما لتعظيم الموصوف ، أو للتأكيد ، ليتقرر في النفس. وقد تعرض المفسرون في كتبهم لحكم التسمية في الصلاة ، وذكروا اختلاف العلماء في ذلك ، وأطالوا التفاريع في ذلك ، وكذلك فعلوا في غير ما آية وموضوع ، هذا كتب الفقه ، وكذلك تكلم بعضهم على التعوذ ، وعلى حكمه ، وليس من القرآن بإجماع. ونحن في كتابنا هذا لا نتعرض لحكم شرعي ، إلا إذا كان لفظ القرآن يدل على ذلك الحكم ، أو يمكن استنباطه منه بوجه من وجوه الاستنباطات. واختلف في وصل الرحيم بالحمد ، فقرأ قوم من الكوفيين بسكون الميم ، ويقفون عليها ويبتدئون بهمزة مقطوعة ، والجمهور على جر الميم ووصل الألف من الحمد. وحكى الكسائي عن بعض العرب أنه يقرأ الرحيم الحمد بفتح الميم وصلة الألف ، كأنك سكنت الميم وقطعت الألف ، ثم ألقيت حركتها على الميم وحذفت ولم تر ، وهذه قراءة عن أحد.
(الْحَمْدُ) الثناء على الجميل من نعمة أو غيرها باللسان وحده ، ونقيضه الذم ، وليس مقلوب مدح ، خلافا لابن الأنباري ، إذ هما في التصريفات متساويان ، وإذ قد يتعلق