قبلها ، وكنى بها هنا عن العمل ، قاله الفراء والملة ، (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) (١) (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) (٢) ، والقهر ، ومنه المدين للعبد ، والمدينة للأمة ، قاله يمان بن رئاب. وقال أبو عمرو الزاهد : وإن أطاع وعصى وذل وعز وقهر وجار وملك. وحكى أهل اللغة : دنته بفعله دينا ودينا بفتح الدال وكسرها جازيته. وقيل : الدين المصدر ، والدين بالكسر الاسم ، والدين السياسة ، والديان السايس. قال ذو الإصبع عنه : ولا أنت دياني فتخزوني ، والدين الحال. قال النضر بن شميل : سألت أعرابيا عن شيء ، فقال : لو لقيتني على دين غير هذا لأخبرتك ، والدين الداء عن اللحياني وأنشد :
يا دين قلبك من سلمى وقد دينا
ومن قرأ بجر الكاف فعلى معنى الصفة ، فإن كان بلفظ ملك على فعل بكسر العين أو إسكانها ، أو مليك بمعناه فظاهر لأنه وصف معرفة بمعرفة ، وإن كان بلفظ مالك أو ملاك أو مليك محولين من مالك للمبالغة بالمعرفة ، ويدل عليه قراءة من قرأ ملك يوم الدين فعلا ماضيا ، وإن كان بمعنى الاستقبال ، وهو الظاهر لأن اليوم لم يوجد فهو مشكل ، لأن اسم الفاعل إذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال ، فإنه تكون إضافته غير محضة فلا يتعرف بالإضافة ، وإن أضيف إلى معرفة فلا يكون إذ ذاك صفة ، لأن المعرفة لا توصف بالنكرة ولا بدل نكرة من معرفة ، لأن البدل بالصفات ضعيف. وحل هذا الإشكال هو أن اسم الفاعل ، إن كان بمعنى الحال أو الاستقبال ، جاز فيه وجهان : أحدهما ما قدمناه من أنه لا يتعرف بما أضيف إليه ، إذ يكون منويا فيه الانفصال من الإضافة ، ولأنه عمل النصب لفظا. الثاني : أن يتعرف به إذا كان معرفة ، فيلحظ فيه أن الموصوف صار معروفا بهذا الوصف ، وكان تقييده بالزمان غير معتبر ، وهذا الوجه غريب النقل ، لا يعرفه إلا من له اطلاع على كتاب سيبويه وتنقيب عن لطائفه. قال سيبويه ، رحمهالله تعالى ، وزعم يونس والخليل أن الصفات المضافة التي صارت صفة للنكرة قد يجوز فيهن كلهن أن يكن معرفة ، وذلك معروف في كلام العرب ، انتهى. واستثنى من ذلك باب الصفة المشبهة فقط ، فإنه لا يتعرف بالإضافة نحو حسن الوجه. ومن رفع الكاف ونون أو لم ينون فعلى القطع إلى الرفع. ومن نصب فعلى القطع إلى النصب ، أو على النداء والقطع أغرب لتناسق الصفات ، إذ لم يخرج بالقطع عنها. ومن قرأ ملك فعلا ماضيا فجملة خبرية لا موضع لها من الإعراب ، ومن أشبع كسرة الكاف فقد قرأ بنادر أو بما ذكر أنه لا يجوز إلا في الشعر ، وإضافة الملك أو الملك
__________________
(١) سورة المائدة : ٥ / ٣.
(٢) سورة آل عمران : ٣ / ١٩.