مصر. انتهى كلامه. فتلخص من قراءة التنوين : أن يكون المراد مصرا غير معين لا من الشام ولا من غيره ، أو مصرا غير معين من أمصار الشام ، أو معينا ، وهو بيت المقدس ، أو مصر فرعون ، فهذه أربعة أقوال.
(فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ) : هذه الجملة جواب للأمر ، كما يجاب بالفعل المجزوم ، ويجري فيه الخلاف الجاري فيه : هل ضمن اهبطوا مصرا معنى أن تهبطوا أو أضمر الشرط؟ وفعله بعد فعل الأمر كأنه قال : أن تهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم ، وفي ذلك محذوفان : أحدهما : ما يربط هذه الجملة بما قبلها ، وتقديره : فإن لكم فيها ما سألتم. والثاني : الضمير العائد على ما ، تقديره : ما سألتموه ، وشروط جواز الحذف فيه موجودة. وقرأ إبراهيم النخعي ويحيى بن وثاب : سألتم : بكسر السين ، وهذا من تداخل اللغات ، وذلك أن في سأل لغتين : إحداهما : أن تكون العين همزة فوزنه فعل. والثانية : أن تكون العين واوا تقول : سأل يسأل ، فتكون الألف منقلبة عن واو ، ويدل على أنه من الواو ، وقولهم :
هما يتساولان ، كما تقول : يتجاوبان ، وحين كسر السين توهم أنه فتحها ، فأتى بالعين همزة ، قال الشاعر :
إذا جئتهم وسأيلتهم |
|
وجدت بهم علة حاضره |
الأصل ساءلتهم ، والمعروف إبدال الهمزة ياء ، فتقول : سايلتهم ، فجمع بين العوض وهو الياء ، وبين المعوض منه وهو الهمزة لكنه لما اضطر قدم الهمزة قبل ألف فاعل. وقال ابن جني : يحتمل أن يكون إبدال الهمزة في سألتم ياء ، كما أبدلت ألفا في قوله :
سألت هذيل رسول الله فاحشة
فانكسر السين قبل الياء ، ثم تنبه للهمز فهمز. والمعنى : ما سألتم من البقول والحبوب التي اخترتموها على المن والسلوى. وقيل : ما سألتم من اتكالكم على تدبير أنفسكم في مصالح معاشكم وأحوال أقواتكم.
(وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ) : معنى الضرب هنا : الإلزام والقضاء عليهم ، من ضرب الأمير البعث على الجيش ، وكقول العرب : ضربة لازم ، ويقال : ضرب الحاكم على اليد ، وضرب الدهر ضرباته ، أي ألزم إلزاماته ، وقيل : معناه الإحاطة بهم والاشتمال عليهم مأخوذ من ضرب القباب. ومنه قول الفرزدق :
ضربت عليك العنكبوت بنسجها |
|
وقضى عليك بها الكتاب المنزل |