(فَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) ، الفضل : الإسلام ، والرحمة : القرآن ، قاله أبو العالية. أو الفضل : قبول التوبة ، والرحمة : العفو عن الزلة ، أو الفضل : التوفيق للتوبة ، والرحمة : القبول. أو الفضل والرحمة ، فأخبر الله عنهم. أو الفضل والرحمة : بعثة رسول الله صلىاللهعليهوسلم وإدراكهم لمدته. وعلى هذا القول يكون من تلوين الخطاب ، إذ صار هذا عائدا على الحاضرين. والأقوال قبله تدل على أن المخاطب به من سلف ، لأنه جاء في سياق قصتهم. وفضل الله على مذهب البصريين مرفوع على الابتداء ، والخبر محذوف تقديره : موجود ، وما يشبهه مما يليق بالموضع. وعليكم : متعلق بفضل ، أو معمول له ، فلا يكون في موضع الخبر. والتقدير : (فَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) موجودان ، (لَكُنْتُمْ) : جواب لولا. والأكثر أنه إذا كان مثبتا تدخله اللام ، ولم يجىء في القرآن مثبتا إلا باللام ، إلا فيما زعم بعضهم أن قوله تعالى : (وَهَمَّ بِها) (١) ، جواب : لولا قدم فإنه لا لام معه. وقد جاء في كلام العرب بغير لام ، وبعض النحويين يخص ذلك بالشعر ، قال الشاعر :
لولا الحياء ولولا الدين عبتكما |
|
ببعض ما فيكما إذ عبتما عوري |
وقد جاء في كلامهم بعد اللام ، قد ، قال الشاعر :
لو لا الأمير ولولا حق طاعته |
|
لقد شربت دما أحلى من العسل |
وقد جاء في كلامهم أيضا حذف اللام وإبقاء قد نحو : لولا زيد قد أكرمتك. (مِنَ الْخاسِرِينَ) : تقدّم أن الخسران : هو النقصان ، ومعناه من الهالكين في الدنيا والأخرى. ويحتمل أن يكون كان هنا بمعنى : صار. قال القشيري : أخذ سبحانه ميثاق المكلفين ، ولكنّ قوما أجابوه طوعا ، لأنه تعرّف إليهم ، فوحدوه ، وقوما أجابوه كرها ، لأنه ستر عليهم ، فجحدوه. ولا حجة أقوى من عيان ما رفع فوقهم من الطور ، ولكن عدموا نور البصيرة ، فلم ينفعهم عيان البصر. قال تعالى : (ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ) ، أي رجعتم إلى العصيان ، بعد مشاهدتكم الإيمان بالعيان ، ولولا حكمه بإمهاله ، وحكمه بإفضاله ، لعاجلكم بالعقوبة ، ولحلّ بكم عظيم المصيبة.
وقال بعض أهل اللطائف : كانت نفوس بني إسرائيل ، من ظلمات عصيانها ، تخبط
__________________
(١) سورة يوسف : ١٢ / ٢٤.