فنكب عنهم درء الأعادي
وادّار : تفاعل منه ، ولمصدره حكم يخالف مصادر الأفعال التي أوّلها همزة وصل ذكر في النحو. القساوة : غلظ القلب وصلابته. يقال : قسا يقسو قسوا وقسوة وقساوة ، وقسا وجسا وعسا متقاربة. الشق ، أن يجعل الشيء شقين ، وتشقق منه. الخشية : الخوف مع تعظم المخشي. يقال : خشي يخشى. الغفلة والسهو والنسيان متقاربة. يقال منه : غفل يغفل ، ومكان غفل لم يعلم به.
(وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) الآية. وجد قتيل في بني إسرائيل اسمه عاميل ، ولم يدروا قاتله ، واختلفوا فيه وفي سبب قتله. فقال عطاء والسدّي : كان القاتل ابن عم المقتول ، وكان مسكينا ، والمقتول كثير المال. وقيل : كان أخاه ، وقيل : ابن أخيه ، ولا وارث له غيره ، فلما طال عليه عمره قتله ليرثه. وقال عطاء أيضا : كان تحت عاميل بنت عم لا مثل لها في بني إسرائيل في الحسن والجمال ، فقتله لينكحها. وطوّل المفسرون في هذه الحكاية بما يوقف عليه في كتبهم. والذي سأل موسى البيان هو القاتل ، قاله أبو العالية. وقال غيره : بل اجتمع القوم فسألوا موسى ، ووجه مناسبة هذه الآية لما قبلها ، أنه تقدم ذكر مخالفتهم لأنبيائهم وتكذيبهم لهم في أكثر أنبائهم ، فناسب ذلك ذكر هذه الآية لما تضمنت من المراجعة والتعنت والعناد مرة بعد مرّة. وقوله : (وَإِذْ قالَ) معطوف على قوله : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ) (١) ، وقوم موسى أتباعه وأشياعه. وقرأ الجمهور : يأمركم ، بضم الراء ، وعن أبي عمرو : والسكون والاختلاس وإبدال الهمزة ألفا ، وقد تقدم توجيه ذلك عند الكلام على بارئكم ويأمركم بصيغة المضارع ، فيحتمل أن يراد به الحال ، ويحتمل أن يراد به الماضي إن كان الأمر بذبح البقرة بما أنزل الله في التوراة ، أو بما أخبر موسى ، وأن تذبحوا في موضع المفعول الثاني ليأمر ، وهو على إسقاط الحرف ، أي بأن تذبحوا. ولحذف الحرف هنا مسوّغان : أحدهما : أنه يجوز فيه ، إذا كان المفعول متأثرا بحرف الجر ، أن يحذف الحرف ، كما قال :
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به
والثاني : كونه مع إن ، وهو يجوز معها حذف حرف الجر إذا لم يلبس. ودلالة الكلام على أن المأمور به أن تذبحوا بقرة ، فأي بقرة كانت لو ذبحوها لكان يقع الامتثال. وقد روى
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٦٣.