من الإحساس إلى المعاني مثل : (أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ) (١) (يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ) (٢) ، ومنه سمي الجنون مسا ، وقيل : المسّ واللمس والجسّ متقارب ، إلا أن الجسّ عام في المحسوسات ، والمسّ فيما يخفى ويدق ، كنبض العروق ، والمسّ واللمس بظاهر البشرة ، والمسّ كناية عن النكاح وعن الجنون. المعدود : اسم مفعول من عدّ ، بمعنى حسب ، والعدد هو الحساب. الإخلاف : عدم الإيفاء بالشيء الموعود. بلى : حرف جواب لا يقع إلا بعد نفي في اللفظ أو المعنى ، ومعناها : ردّه ، سواء كان مقرونا به أداة الاستفهام ، أو لم يكن ، وقد وقع جوابا للاستفهام في مثل : هل يستطيع زيد مقاومتي؟ إذا كان منكرا لمقاومة زيد له ، لما كان معناه النفي ، ومما وقعت فيه جوابا للاستفهام قول الحجاف بن حكيم :
بل سوف نبكيهم بكل مهند |
|
ونبكي نميرا بالرماح الخواطر |
وقعت جوابا للذي قال له ، وهو الأخطل :
ألا فاسأل الحجاف هل هو ثائر |
|
بقتلي أصيبت من نمير بن عامر |
وبلى عندنا ثلاثي الوضع ، وليس أصله بل ، فزيدت عليها الألف خلافا للكوفيين. السيئة : فيعلة من ساء يسوء مساءة ، إذا حزن ، وهي تأنيث السيّء ، وقد تقدّم الكلام على هذا الوزن عند الكلام على قوله : (أَوْ كَصَيِّبٍ) (٣) ، فأغنى عن إعادته.
(أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ) : ذكروا في سبب نزول هذه الآية أقاويل : أحدها : أنها نزلت في الأنصار ، وكانوا حلفاء لليهود ، وبينهم جوار ورضاعة ، وكانوا يودون لو أسلموا. وقيل : كان النبي صلىاللهعليهوسلم والمؤمنون يودون إسلام من بحضرتهم من أبناء اليهود ، لأنهم كانوا أهل كتاب وشريعة ، وكانوا يغضبون لهم ويلطفون بهم طمعا في إسلامهم. وقيل : نزلت فيمن بحضرة النبي صلىاللهعليهوسلم من أبناء السبعين الذين كانوا مع موسى عليهالسلام في الطور ، فسمعوا كلام الله ، فلم يمتثلوا أمره ، وحرّفوا القول في أخبارهم لقومهم ، وقالوا : سمعناه يقول إن استطعتم أن تفعلوا هذه الأشياء فافعلوا ، وإن شئتم فلا تفعلوا. وقيل : نزلت في علماء اليهود الذين يحرفون التوراة ، فيجعلون الحلال حراما ، والحرام حلالا ، اتباعا لأهوائهم. وقيل : إن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لا يدخل علينا قصبة المدينة إلا مؤمن». قال كعب بن
__________________
(١) سورة ص : ٣٨ / ٤١.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ٢٧٥.
(٣) سورة البقرة : ٢ / ١٩.