التي يجوز حذف الموصوف فيها ، كقوله تعالى : (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) (١) ، (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) (٢) ، وكقول العرب : منا ظعن ومنا أقام ، وعلى أن تكون الواو في (وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) لعطف المفرد على المفرد ، قالوا : ويكون قوله : (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ) جملة في موضع الحال ، أي وادّا أحدهم ، قالوا : ويكون حالا من الذين ، فيكون العامل أحرص المحذوف ، أو من الضمير في أشركوا ، فيكون العامل أشركوا. ويجوز أن يكون حالا من الضمير المنصوب في ولتجدنهم ، أي ولتجدنهم الأحرصين على الحياة وادّا أحدهم ، ويجوز أن يكون استئناف إخبار عنهم يبين حال أمرهم في ازدياد حرصهم على الحياة.
(أَحَدُهُمْ) : أي واحد منهم ، وليس أحد هنا هو الذي في قولهم ما قام أحد ، لأن هذا مستعمل في النفي أو ما جرى مجراه. والفرق بينهما أن أحدا هذا أصوله همزة وحاء ودال ، وأصول ذلك واو وحاء ودال. فالهمزة في أحدهم بدل من واو ، ولا يراد بقوله : (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ) أي يود واحد منهم دون سائرهم ، وإنما أحدهم هنا عام عموم البدل ، أي هذا الحكم عليهم بودهم أن يعمروا ألف سنة ، هو يتناول كل واحد واحد منهم على طريقة البدل. فكان المعنى أنك إذا نظرت إلى حرص واحد منهم ، وشدّة تعلق قلبه بطول الحياة ، وجدته لو عمر ألف سنة. (لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ) : مفعول الودادة محذوف تقديره : يود أحدهم طول العمر. وجواب لو محذوف تقديره : لو يعمر ألف سنة لسر بذلك ، فحذف مفعول يود لدلالة لو يعمر عليه ، وحذف جواب لو لدلالة يود عليه. هذا هو الجاري على قواعد البصريين في مثل هذا المكان. وذهب بعض الكوفيين وغيرهم في مثل هذا إلى أن لو هنا مصدرية بمعنى أن ، فلا يكون لها جواب ، وينسبك منها مصدر هو مفعول يود ، كأنه قال : يود أحدهم تعمير ألف سنة. فعلى هذا القول لا يكون في الكلام حذف ، وعلى القول الأول لا يكون لقوله : (لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ) محل إعراب. وعلى القول الثاني محله نصب على المفعول ، كما ذكرنا ، والترجيح بين القولين هو مذكور في علم النحو. قال الزمخشري : فإن قلت : كيف اتصل لو يعمر بيود أحدهم؟ قلت : هو حكاية لودادتهم ، ولو في معنى التمني ، وكان القياس لو أعمر ، إلا أنه جرى على لفظ الغيبة لقوله : يود أحدهم ، كقولهم : حلف بالله ليفعلنّ. انتهى كلامه. وفيه بعض إبهام ، وذلك أن يود فعلى قلبي ، وليس فعلا قوليا ، ولا معناه معنى القول. وإذا كان كذلك ، فكيف تقول هو حكاية
__________________
(١) سورة الصافات : ٣٧ / ١٦٤.
(٢) سورة النساء : ٤ / ١٥٩.