كما لهم آلهة. ويحتمل أن تكون هذه كلها أسبابا في نزول هذه الآية ، وقد طولنا بذكر هذه الأسباب ، وذلك بخلاف مقصدنا في هذا الكتاب.
وأم : هنا منقطعة ، وتتقدر المنقطعة ببل والهمزة ، فالمعنى : بل أتريدون ، فبل تفيد الإضراب عما قبله ، ومعنى الإضراب هنا : هو الانتقال من جملة إلى جملة ، لا على سبيل إبطال الأولى. وقد تقدّم قول من جعل أم هنا معادلة للاستفهام الأول. وقد بينا ضعف ذلك. وقالت فرقة : أم استفهام مقطوع من الأول ، كأنه قال : أتريدون. وهذان القولان ضعيفان. والذي تقرر أن أم تكون متصلة ومنفصلة. فالمتصلة : شرطها أن يتقدّمها لفظ همزة الاستفهام ، وأن يكون بعدها مفرد ، أو في تقدير المفرد. والمنفصلة : ما انخرم الشرطان فيها أو أحدهما ، ويتقدر إذ ذاك ببل والهمزة معا ، وأما مجيئها مرادفة للهمزة فقط ، أو مرادفة لبل فقط ، أو زائدة ، فأقوال ضعيفة. وعلى الخلاف في المخاطبين ، يجيء الكلام في قوله : (رَسُولَكُمْ). فإن كان الخطاب للمؤمنين ، وهو قول الأصم والجبائي وأبي مسلم ، فيكون رسولكم جاء على ما في نفس الأمر ، وعلى ما أقروا به من رسالته. وإن كان الخطاب للكفار ، كانت إضافة الرسول إليهم على حسب الأمر في نفسه ، لا على إقرارهم به. ورجح كون الخطاب للمؤمنين بقوله : (وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ) ، وهذا الكلام لا يصح إلا في حق المؤمن ، وبأنه معطوف على قوله : (لا تَقُولُوا راعِنا) ، أي هل تفعلون ما أمرتم ، أم تريدون؟ ورجح أنهم اليهود ، لأنه سبق الكلام في الحكايات عنهم ما قالوا ، ولأن المؤمن بالرسول لا يكاد يسأله ما يكون كفرا.
كما سئل : الكاف في موضع نصب ، فعلى رأي سيبويه : على الحال ، وعلى المشهور من مذاهب المعربين : نعت لمصدر محذوف ، فيقدر على قولهم : سؤالا كما سئل ، ويقدر على رأي سيبويه : أن تسألوه ، أي السؤال كما سئل ، وما مصدرية التقدير كسؤال. وأجاز الحوفي أن تكون ما موصولة بمعنى الذي ، التقدير : الذي سئله موسى. وقرأ الجمهور : وسيل. وقرأ الحسن وأبو السمال : بكسر السين وياء. وقرأ أبو جعفر وشيبة والزهري : بإشمام السين وياء. وقرأ بعض القراء : بتسهيل الهمزة بين بين وضم السين. وهذه القراءات مبنية على اللغتين في سأل ، وهو أن تكون الهمزة مقرة مفتوحة ، فتقول سأل. فعلى هذه اللغة تكون قراءة الجمهور ، وقراءة من سهل الهمز بين بين. واللغة الثانية أن تكون عين الكلمة واوا ، وتكون على فعل بكسر العين فتقول : سلت أسال ، كخفت أخاف ، أصله : سولت. وعلى هذه اللغة تكون قراءة الحسن ، وقراءة من أشم. وتخريج