عليهم ، والسيما التي التزموها ، وما شرطه عمر عليهم. وأما مشركوا العرب ، فقتل أبطالهم وأقيالهم ، وكسر أصنامهم ، وتسفيه أحلامهم ، وإخراجهم من جزيرة العرب التي هي دار قرارهم ومسقط رؤوسهم ، وإلزامهم خطة الهلاك من القتل إلا أن يسلموا. وقال الفرّاء : معناه في آخر الدنيا ، وهو ما وعد الله به المسلمين من فتح الروم ، ولم يكن بعد. قال القشيري : في قوله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ) الآية ، إشارة إلى ظلم من خرّب أوطان المعرفة بالمنى والعلاقات ، وهي قلوب العارفين وأوطان العبادة بالشهوات ، وهي نفوس العباد وأوطان المحبة بالحظوظ والمساكنات ، وهي أرواح الواجدين وأوطان المشاهدات بالالتفات إلى القربات ، وهي أسرار الموحدين. (لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ) : ذل الحجاب ، وفي الآخرة عذاب لاقتناعهم بالدرجات. انتهى ، وبعضه ملخص. وهذا تفسير عجيب ينبو عنه لفظ القرآن ، وكذا أكثر ما يقوله هؤلاء القوم.
(وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) : قال الحسن وقتادة : أباح لهم في الابتداء أن يصلوا حيث شاءوا ، فنسخ ذلك. وقال مجاهد والضحاك : معناها إشارة إلى الكعبة ، أي حيثما كنتم من المشرق والمغرب ، فأنتم قادرون على التوجه إلى الكعبة. فعلى هذا هي ناسخة لبيت المقدس. وقال أبو العالية وابن زيد : نزلت جوابا لمن عير من اليهود بتحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة. وقال ابن عمر : نزلت في صلاة المسافر ، حيث توجهت به دابته. وقيل : جواب لمن قال : أقريب ربنا فنناجيه ، أم بعيد فنناديه؟ قاله سعيد بن جبير. وقيل : في الصلاة على النجاشي ، حيث قالوا : لم يكن يصلي إلى قبلتنا. وقيل : فيمن اشتبهت عليه القبلة في ليلة متغيمة ، فصلوا بالتحري إلى جهات مختلفة. وقد روي ذلك في حديث عن جاب ر ، أن ذلك وقع لسرية ، وعن عامر بن ربيعة ، أن ذلك جرى مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في السفر ، ولو صح ذلك ، لم يعدل إلى سواه من هذه الأقوال المختلفة المضطربة. وقال النخعي : الآية عامّة ، أينما تولوا في متصرّفاتكم ومساعيكم. وقيل : نزلت حين صدّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن البيت.
وهذه أقوال كثيرة في سبب نزول هذه الآية ، وظاهرها التعارض ، ولا ينبغي أن يقبل منها إلا ما صح ، وقد شحن المفسرون كتبهم بنقلها. وقد صنف الواحدي في ذلك كتابا قلما يصح فيه شيء ، وكان ينبغي أن لا يشتغل بنقل ذلك إلا ما صح. والذي يظهر أن انتظام هذه الآية بما قبلها هو : أنه لما ذكر منع المساجد من ذكر الله والسعي في تخريبها ، نبه على أن ذلك لا يمنع من أداء الصلوات ، ولا من ذكر الله ، إذ المشرق والمغرب لله