يتلونه خبرا عنه ، وصح أن يكون حالا مقدرة إما من ضمير المفعول ، وإما من الكتاب ، لأنهم وقت الإيتاء لم يكونوا تالين له ، ولا كان هو متلوا لهم ، ويكون الخبر إذ ذاك في الجملة من قوله : (أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ). وجوز الحوفي أن يكون يتلونه خبرا ، وأولئك وما بعده خبر بعد خبر. قال مثل قولهم : هذا حلو حامض ، وهذا مبني على أنه هل يقتضي المبتدأ الواحد خبرين؟ ألم لا يقتضي إلا إذا كان في معنى خبر واحد كقولهم : هذا حلو حامض ، أي مز ، وفي ذلك خلاف. وإن أريد بالذين آتيناهم الكتاب العموم ، كان الخبر أولئك يؤمنون به ، قالوا ، ومنهم ابن عطية : ويتلونه حال لا يستغنى عنها ، وفيها الفائدة ، ولا يجوز أن يكون خبرا ، لأنه كان يكون كل مؤمن يتلو الكتاب ، وليس كذلك بأي تفسير فسرت التلاوة. ونقول : ما لزم في الامتناع من جعلها خبرا ، يلزم في الحال ، لأنه ليس كل مؤمن يكون على حالة التلاوة بأي تفسير فسرتها. وانتصب حق تلاوته على المصدر ، كما تقول : ضربت زيدا حق ضربه ، وأصله تلاوة حقا. ثم قدّم الوصف ، وأضيف إلى المصدر ، وصار نظير : ضربت شديد الضرب ، إذ أصله : ضربا شديدا. وجوزوا أن يكون وصفا لمصدر محذوف ، وأن يكون منصوبا على الحال من الفاعل ، أي يتلونه محقين. وقال ابن عطية : وحق مصدر والعامل فيه فعل مضمر ، وهو بمعنى ، ولا يجوز إضافته إلى واحد معرّف ، وإنما جازت عنا لأن تعرف التلاوة بإضافتها إلى الضمير ليس بتعرّف محض ، وإنما هو بمنزلة قولهم : رجل واحد أمه ، ونسيج وحده. انتهى كلامه. وأولئك يؤمنون به : ظاهره أن الضمير في به يعود إلى ما يعود عليه الضمير في يتلونه ، وهو الكتاب ، على اختلاف الناس في الكتاب. وقيل : يعود على النبي صلىاللهعليهوسلم ، قالوا : وإن لم يتقدّم له ذكر ، لكن دلت قوة الكلام عليه ، وليس كذلك ، بل قد تقدم ذكره في قوله : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِ) ، لكن صار ذلك التفاتا وخروجا من خطاب إلى غيبة. وقيل : يعود على الله تعالى ، ويكون التفاتا أيضا وخروجا من ضمير المتكلم المعظم نفسه إلى ضمير الغائب المفرد. قال ابن عطية : ويحتمل عندي أن يعود الضمير على الهدى الذي تقدّم ، وذلك أنه ذكر كفار اليهود والنصارى في الآية ، وحذر رسوله من اتباع أهوائهم ، وأعلمه بأن هدى الله هو الهدى الذي أعطاه وبعثه به. ثم ذكر له أن المؤمنين التالين لكتاب الله هم المؤمنون بذلك الهدى المقتدون بأنواره. انتهى كلامه ، وهو محتمل لما ذكر. لكن الظاهر أن يعود على الكتاب لتتناسب الضمائر ولا تختلف ، فيحصل التعقيد في اللفظ ، والإلباس في المعنى ، لأنه إذا كان جعل الضمائر المتناسبة عائدة على واحد ، والمعنى فيها جيد صحيح الإسناد ، كان