المفضل : ابراهام بألفين ، إلا في المودة والأعلى. وقرأ ابن الزبير : ابراهام ، وقرأ أبو بكرة : إبراهم بألف وحذف الياء وكسر الهاء. وقرأ الجمهور : بنصب إبراهيم ورفع ربه. وقرأ ابن عباس ، وأبو الشعثاء ، وأبو حنيفة : برفع إبراهيم ونصب ربه. فقراءة الجمهور على أن الفاعل هو الرب ، وتقدم معنى ابتلائه إياه. قال ابن عطية : وقدم المفعول للاهتمام بمن وقع الابتلاء ، إذ معلوم أن الله تعالى هو المبتلي. وإيصال ضمير المفعول بالفاعل موجب لتقديم المفعول. انتهى كلامه ، وفيه بعض تلخيص. وكونه مما يجب فيه تقديم الفاعل هو قول الجمهور. وقد جاء في كلام العرب مثل : ضرب غلامه زيدا ، وقال : وقاس عليه بعض النحويين وتأول بعضه الجمهور ، أو حمله على الشذوذ. وقد طول الزمخشري في هذه المسألة بما يوقف عليه من كلامه في الكشاف ، وليست من المسائل التي يطوّل فيها لشهرتها في العربية. وقرأ ابن عباس : معناها أنه دعا ربه بكلمات من الدعاء يتطلب فيها الإجابة ، فأطلق على ذلك ابتلاء على سبيل المجاز لأن في الدعاء طلب استكشاف لما تجري به المقادير على الإنسان.
والكلمات لم تبين في القرآن ما هي ، ولا في الحديث الصحيح ، وللمفسرين فيها أقوال : الأول : روى طاوس ، عن ابن عباس أنها العشرة التي من الفطرة : المضمضة ، والاستنشاق ، وقص الشارب ، وإعفاء اللحية ، والفرق ، ونتف الإبط ، وتقليم الأظفار ، وحلق العانة ، والاستطابة ، والختان ، وهذا قول قتادة. الثاني : عشر وهي : حلق العانة ، ونتف الإبط ، وتقليم الأظفار ، وقص الشارب ، وغسل يوم الجمعة ، والطواف بالبيت ، والسعي ، ورمي الجمار ، والإفاضة. وروي هذا عن ابن عباس أيضا. الثالث : ثلاثون سهما في الإسلام ، لم يتم ذلك أحد إلا إبراهيم ، وهي عشر في براءة (التَّائِبُونَ) (١) الآية ، وعشر في الأحزاب (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ) (٢) الآية ، وعشر في (قَدْ أَفْلَحَ) وفي المعارج. وروي هذا عن ابن عباس أيضا. الرابع : هي الخصال الست التي امتحن بها الكوكب ، والقمر ، والشمس ، والنار ، والهجرة ، والختان. وقيل : بدل الهجرة الذبح لولده ، قاله الحسن. الخامس : مناسك الحج ، رواه قتادة ، عن ابن عباس. السادس : كل مسألة سألها إبراهيم في القرآن مثل : (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً) (٣) ، قاله مقاتل. السابع : هي قول : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
__________________
(١) سورة التوبة : ٩ / ١١٢.
(٢) سورة الأحزاب : ٣٣ / ٣٥.
(٣) سورة البقرة : ٢ / ١٢٦.