حق آل محمد ، لا من أرخى عليه ستوره وجلس في بيته. فقال له الباقر : يا زيد! إن مثل القائم من أهل هذا البيت قبل قيام مهديهم ، مثل فرخ نهض من عشه من قبل أن يستوي جناحاه. فإذا فعل ذلك سقط ، فأخذه الصبيان يتلاعبون به. فاتق الله في نفسك أن لا تكون المصلوب غدا بالكناسة. فلم يلتفت زيد لكلام الباقر ، وخرج على هشام ، فظفر به وصلبه على كناسة الكوفة ، وأحرقه بالنار ، وكان كما حذره الباقر. وأما الدوانيقي ، فهو المنصور أخو السفاح ، سمي بذلك قيل لبخله. وقد ذكر بعض المصنفين أنه لم يكن بخيلا ، وذكر من عطائه وكرمه أخبارا كثيرة. وأما إبراهيم ومحمد ، اللذان ذكرهما الزمخشري ، فهما ابنا عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، كانا قد تغيبا أيام السفاح ، وأول أيام المنصور ، ثم ظهر محمد أول يوم من رجب سنة خمس وأربعين ومائة ، ودخل مسجد المدينة قبل الفجر ، فخطب حتى حضرت الصلاة ، فنزل وصلى بالناس ، وبويع بالمدينة طوعا ، واستعمل العمال ، وغلب على المدينة والبصرة ، وجبى الأموال. وكان إبراهيم أخوه قد صار إلى البصرة يدعو إليه. وآخر أمرهما أن المنصور وجه إليهما العساكر وقتلا.
وقد ذكر بعض المفسرين هنا أحكام الإمامة الكبرى ، وإن كان موضوعها أصول الدين ، فهناك ذكرها ، لكني لا أخلي كتابي عن شيء ملخص فيها دون الاستدلال. فنقول : الذي عليه أصحاب الحديث والسنة ، أن نصب الإمام فرض ، خلافا لفرقة من الخوارج ، وهم أصحاب نجدة الحروري. زعموا أن الإمامة ليست بفرض ، وإنما على الناس إقامة كتاب الله وسنة رسوله ، ولا يحتاجون إلى إمام ، ولفرقة من الأباضية زعمت أن ذلك تطوع. واستناد فرضية نصب الإمام للشرع لا للعقل ، خلافا للرافضة ، إذ أوجبت ذلك عقلا ، ويكون الإمام من صميم قريش ، خلافا لفرقة من المعتزلة ، إذ قالوا : إذا وجد من يصلح لها قرشي ونبطي ، وجب نصب النبطي دون القرشي ، وسواء في ذلك بطون قريش كلها ، خلافا لمن خص ذلك بنسل عليّ ، أو العباس ، إما منصوصا عليه ، وإما باجتهاد ، ويكون أفضل القوم ، فلا ينعقد للمفضول مع وجود الفاضل ، خلافا لأبي العباس القلانسي ، فإنه يقول : ينعقد للمفضول ، إذا كان بصفة الإمامة ، مع وجود الفاضل ، وشروطه : أن يكون عدلا مجتهدا في أحكام الشريعة ، شجاعا ، والشجاعة في القلب بحيث يمكنه ضبط الأمر وحفظ بيضة الإسلام ، ولا يجوز نصب ساقط العدالة ابتداء ، فإن عقد لشخص كامل الشروط ثم طرأ منه فسق ، فقال أبو الحسن : يجوز الخروج عليه إذا أمن الناس. وإلى هذا ذهب كثير من أهل العلم. وقال أبو الحسن أيضا ، والقاضي أبو بكر بن الطيب : لا يجوز